آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

ماهو الجدي والجديد في وضع اسرائيل في الشرق الأوسط

 

بسام ابو شريف

في ظل مايدور في منطقة الشرق الأوسط من حروب وانتفاضات شعبية وخلط أوراق عالي التوتر تمر اسرائيل في ظروف يصعب التصور بخروجها منها سالمة ، وأسدلت العمليات الارتجالية التي قامت بها “وتقوم” المخابرات الاميركية والاسرائيلية وبعض الأجهزة العربية”   أسدلت غشاوة حجبت رؤية الكثيرين ” بمن فيهم أصحاب القرار ” ، عن رؤية التدهور المتلاحق في وضع اسرائيل في الشرق الأوسط .

وهذا التدهور لن يتوقف اذا فاز ترامب ، ولن يتسارع اذا فشل ترامب في الانتخابات ، فوعد ترامب الذي أطلقه في حملته الانتخابية الاولى تم تنفيذه ، واكتشفت اسرائيل أنه لم يحسن وضعها أو يزيده قوة بل على العكس من ذلك أصبحت اسرائيل مجبرة على اللهاث وراء المتسابقين ، وتكاد لاتصحو من مفاجأة الا لتقع ضحية مفاجأة اخرى ، فقد تحول الصراع الى حد كبير الى صراع قوة تأثير التقدم التكنولوجي في ميدان القتال ، ويعتبر ضباط استخبارات اسرائيليون واميركيون وعرب أن قاسم سليماني قائد فيلق القدس مسؤول مسؤولية مباشرة عن هزائم اسرائيل واميركا في هذا الميدان ، وأن اغتيال اسرائيل للبطل عماد مغنية بأمر مباشر من الرئيس بوش لم يوقف تطور أسلحة محور المقاومة ، وعلى رأس هذا المحور حزب الله لكن متابعة صراع القوى السياسية داخل اسرائيل على منصب رئيس الحكومة أدى الى كشف الأرقام السرية لمخزن القلق الاسرائيلي ، ومن خلال دراسة تصريحات ” أزرق أبيض ”  والليكود والأحزاب التي تنتظر فرصتها ….يمكننا القول ان الشعور المشترك بينهم جميعا هو أن ( انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على ايران لم يؤد الى نتائج كان نتنياهو يرجوها ) ، وان هجوم ترامب على ايران والنقاط ال14 التي أطلقها بومبيو لم تجد لها أرضا لتسير عليها ” لقد أعطى ترامب القدس والجولان ودعما غير مسبوق لاسرائيل لكن النتيجة ، هي أن اسرائيل فقدت بسبب تراجعها المتتابع القدرة على شن – حرب بين الحروب” كما يحلو لبعض الصحفيين الاسرائيليين تسمية عمليات اسرائيل الكبيرة التي كانت تحسب بدقة حتى لاتشعل حربا شاملة ( لقد فقدت اسرائيل هذا ، واعتبر هذا أول هزيمة استراتيجية كبيرة لاسرائيل منذ تأسيسها ) ، اذ تكومت التقارير الاستخبارية على مكتب رئيس وزراء اسرائيل التي تؤكد امتلاك فصائل المقاومة لأسلحة متقدمة تكنولوجيا ، وان قيام اسرائيل بعمليات كبرى لن يقابل الا برد مواز أو أكثر ، وهذا قد يشعل حربا شاملة لاتريدها اسرائيل اذ تعرف اسرائيل أن الحرب الشاملة سوف تعيد قضية فلسطين الى سدة الاهتمام .

وتتبادل الأحزاب في اسرائيل الاتهامات لكنها لا تختلف حول العداء لايران انما لايملك أي حزب من الأحزاب الاسرائيلية جوابا على ذلك ضمن التراجع الاستراتيجي الذي ذكرناه .

تقرير من التقارير كتبه فريق ساهم في معاينة ” الأرامكو المضروبة ” ، وخلص الى عدم معرفة أسرار الأسلحة التي استخدمت ، وأصابت أهدافها بدقة متناهية ثم جاء كلام خامنئي الذي قال فيه : ” رغم الحصار تمكن شبابنا من تطوير صاروخ مداه ألفي كيلو متر ودقة الاصابة فيه لاتزيد نسبة الخطأ فيها عن متر واحد ” ، ودفع هذا نتنياهو للصراخ بالشكوى قائلا : ” هذا تطور خطير على أمن اسرائيل يجب أن نجد له علاجا ” .

هذا التراجع تم بناء على عدد محدود من العملية أذهلت واشنطن وتل ابيب لدقة الأسلحة التي استخدمت فيها ، فاسقاط الطائرة الجاسوسية المسيرة الاميركية الصنع ” فخر الصناعة العسكرية الاميركية ” ، دون أن تمس طائرة الظل اتي كانت تطير الى جانبها وتحمل 36 من كبار ضباط المخابرات جعل واشنطن تتسمر في مكانها من الصدمة وهول المفاجأة ، ودفعها الى عدم الرد خشية وجود أسلحة اخرى غير معروفة لدى ايران ، ثم جاء اسقاط حزب الله لطائرة تجسسية اسرائيلية ، هي أيضا زبدة الانتاج الاسرائيلي لأنها تتجسس وقادرة على القصف ، وذهلت اسرائيل فقد وصلت صواريخ الدفاع الدقيقة التهديف لحزب الله واليوم وصل لاسرائيل تهديد عبدالملك الحوثي بتوجيه ضربات قوية لمراكز حساسة في اسرائيل .

يسود الاعتقاد في اسرائيل بأن لدى ايران أسلحة طورتها ذاتيا لم تستخدم بعد خاصة في ميدان ” البحرية ” ، ولاشك أن أسلحة ايران في هذا المجال ستظهر قريبا بعد التعرض لناقلات النفط الايراني ، ولن تجني البحرين من دورها الخياني الا ” الأمرين ” ، ورغم امتلاك اسرائيل لمعلومات هامة حول نوعية الأسلحة الموجودة لدى فصائل محور المقاومة ، ومن بينها حماس في قطاع غزة الا أن تقريرا للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية حذر من أمرين : الأول هو قدرة الفصائل على اخفاء الأهم .

والثاني هو ماتطور من قدرات للفصائل محليا على تطوير مايصلها من أسلحة ، ويخشى التقرير خشية شديدة من احتمال امتلاك فصائل المقاومة لبعض الأسلحة الدفاعية المتطورة الروسية الصنع خاصة في ميدان الطائرات المسيرة والتصدي لها ، ويشير تقرير الاستخبارات الى كردستان وسوريا كمنطقتين تطور فيهما سوق السلاح بشكل غير مسبوق ، وأن عملاء لحزب الله يتفقدون هذه الأسواق باستمرار ، ولمح التقرير الى امكانية حصولهم على الأسلحة الروسية من أسواق خارجية ، لكن الاعتراف الاسرائيلي العام بعدم صلاحية استراتيجية نتنياهو التي انتهجت لعقد كامل من الزمن أصبحت واقعا ، وأن اسرائيل لاتملك الآن أي استراتيجية ، وتشعر بالقلق والفشل والتراجع وهذا هو درجة من درجات الانهيار الذي لن يتوقف في فرض تأثيره على الخريطة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط .

اسرائيل تنهار في ظل نهج يعارض مقاومة الاحتلال بالثورة الشعبية في فلسطين فماذا سيحصل ، وكيف سيكون وضع اسرائيل في حال انطلاق انتفاضة شعبية عارمة في هذه اللحظات بالذات ؟

سؤال موجه الى سلطة في رام الله لاتملك هي الاخرى استراتيجية بل تعيش في غرفة الانعاش انتظارا للسيد ” غودو ” ، وشعبنا مدعو بل مطالب بأن يبدأ وألا يتردد ولديه عشرات المطالب المعيشية والصحية والاجتماعية لينتفض للمطالبة بها ، وهكذا نبدأ الانتفاضة ونتطور عندما نصل للحقيقة وهي أن الاحتلال هو سبب كل مصائبنا الحياتية والانسانية ، ولابد من اشعال ثورة شعبية ضد الاحتلال والعملاء الذين أصبح ولاؤهم للعدو وليس للوطن .

من المؤكد أن هذه التراجعات ، وانعدام استراتيجية بديلة لاستراتيجية العقد الماضي التي انتهت بالفشل سوف تكون محط اهتمام رئيس الحكومة الجديد سواء كان نتنياهو أو غيتس غانس لكن لن يتمكن أحد منهما أن يرسم استراتيجية تعيد ميزان القوى لصالح اسرائيل فآلية انهيار الاستراتيجية السابقة سوف تولد مترتبات على كل ما حققته الاستراتيجية السابقة لاسرائيل ولنتنياهو ( توقعت هذا في كتابي عن نتنياهو في العام 2000 – كتاب الصعود والهبوط ) ، ولاشك أن تفكير نتنياهو وأحلامه لن تتغير وكذلك غانتس وسيحاولون الاسراع في ابتلاع الضفة والتركيز على تهويد القدس وتهجير أهلها وسكان أحيائها المحاصرة والمعزولة .

يكون السلطان قد قضى على فتح أيضا ، وأختم بقولي انني أراهن على الشباب الفلسطيني رغم ما أشاهده من حملات معروفة بشلة المخدرات والعادات السيئة ، أراهن لأن الأغلبية وطنية ومخلصة ، وكذلك هم شباب التنظيمات كافة وشباب فتح .
لكن على الجميع أن يعلم أن شعبنا أكبر من التنظيمات ، وأن قضيتنا أقوى من أن تدفن .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/11/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد