آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
ربى يوسف شاهين
عن الكاتب :
كاتبة سورية

أوامر أميركية بالاغتيال.. حماقات بالجملة لواشنطن

 

ربى يوسف شاهين

الثاني من كانون الثاني 2020، تاريخ لن يُنسى. هو نقطة تحوّل في صراع محور المقاومة، مع محور واشنطن، وليس ايّ تحوّل، خاصة أنّ الشخصية التي استُهدفت تُعدّ بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية المضطهدة من قرارات الغرب الأميركي والاسرائيلي، المُنقذ الأول لها من الإرهاب الغربي.
الشهيد قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، فقد سعت القوات الأميركية مراراً وتكراراً إلى كشف مسار عمليات سليماني، وقد ساعدها في ذلك سيطرتها على المجال الجوي العراقي، بالإضافة إلى الدعم المُقدّم للجماعات الإرهابية بالأسلحة والعتاد عبر طائراتها.
واشنطن كانت تعلم أهمية دور الجنرال سليماني في تحقيق الانتصار على داعش في العراق وسورية، فقد قاد جلّ العمليات البرية ضدّ الإرهابيين. وفي 2014 نشرت مجلة “نيوزويك” صورة كبيرة له وقالت: “قاتل أميركا أولاً والآن سحق داعش”، ناهيك عن مواقفه الداعمة للفصائل الفلسطينية في غزة، والتي كانت تستفيد من توجيهاته العسكرية في حربها ضدّ الكيان الإسرائيلي. وعليه كانت الخطط الأميركية للسيطرة على العراق ثم في البداية عبر تفكيكه منذ احتلاله، والانتقال الى مرحلة أخرى هي تعزيز الوجود تحت مسمّى الاتفاقية الأمنية، بعد ظهور تنظيم داعش” الأميركي”، ومع تسارع خطوات القضاء على داعش عبر الحشد الشعبي بمساعدة إيران، وتحديداً قائد فيلق القدس، بذلت الولايات المتحدة جهوداً كبيرة منذ تولي ترامب الرئاسة لإضعاف إيران في المنطقة، وذلك عبر التضييق عليها في كثير من الملفات، حيث اعتقدت واشنطن أنّ الضربات المتكرّة على الحشد الشعبي سيثنيها عن الالتفاف وراء الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وبالتالي ستضعف حكماً، ولكن ذلك لم يؤت ثماره لتفكيك رأس المحور المقاوم، فكان اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ورفاقهما، ترجمة حقيقة للتوجهات الأميركية، سواء في العراق، أو في عموم المنطقة.
بدأت المرحلة الثانية للحماقة الأميركية، عبر التعنّت حيال تصريحات الإدارة الأميركية، وآخرها ما صرّح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجهة فرض عقوبات على بغداد بعدما طالب البرلمان العراقي القوات الأميركية بمغادرة البلاد. مبيّناً أنه إذا غادرت قواته فسيتعيّن على بغداد أن تدفع لواشنطن تكلفة قاعدة جوية هناك.
هي معركة صمود وتحدّ أعلنتها قوى المقاومة بعد حادثة الاغتيال، فرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي صرّح قائلاً: “كنت على موعد مع قاسم سليماني مساء يوم اغتياله ليسلّمني رسالة من السلطات الإيرانية”، وكان قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي توعّد بردّ قاس على جريمة اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الفريق قاسم سليماني، إثر العدوان الجوي للقوات الأميركية في بغداد.
تداعيات كثيرة تبعت عملية الاغتيال، حيث ألغى المنتخب الأميركي لكرة القدم، معسكراً تدريبياً مقرّراً في أكاديمية “اسباير” بالدوحة، وقد أصبح الوجود الأميركي في المنطقة العربية معرّضاً لضربات حتميّة من القوات المسلحة الإيرانية. فالحماقة الترامبية ستأخذ الولايات المتحدة إلى منحى مغاير تماماً لما تتوقعه من حساباتها الخاطئة.
فمحور المقاومة سيبقى على نهجه، وما حدث سيزيده إصراراً على متابعة نضاله ومقاومته للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، وهذا ما أكد عليه الرئيس السوري بشار الأسد في رسالته إلى قائد الثورة الإسلامية المرشد الأعلى علي الخامنئي، حيث قال” إننا على ثقة بأنّ هذه الجريمة ستزيد محور المقاومة عزماً على مواصلة الوقوف في وجه السياسة الأميركية التخريبية في المنطقة وفي وجه كلّ قوى الظلم والعدوان في العالم”.
لا شك لدينا أبداً أنّ نهج الشهيد سليماني ورفاقه سيزداد رسوخاً في عقول الشباب المقاوم بعد استشهاده، كما سيزداد هذا الشباب تصميماً وعزيمة على مواصلة النهج الذي بدأه الشهيد ورفاقه والبناء عليه لتعزيز قوة ومنعة المقاومة في وجه أعداء منطقتنا، ولإحقاق الحق وإرساء حكم إرادة الشعوب في العالم برمّته.

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2020/01/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد