آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

صدق السيد نصرالله وكذب نتنياهو للمرة الالف بالصوت والصورة..

 

عبد الباري عطوان

يبدو من خلال ما ورد في خطاب السيد حسن نصرالله الذي القاه مساء امس، وركز في معظمه على الوضع الداخلي اللبناني والمبادرة الفرنسية، ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ومعظم مستشاريه، لا يعرفون الا القليل عن الخريطة السياسية في لبنان، واللاعبين الأساسيين فيها، وقوتهم الحقيقية على الأرض.
واذا كان الرئيس ماكرون على هذه الدرجة العالية من الجهل لقلة خبرته السياسية، فإننا لا نلومه وحده، وانما  أيضا بعض القوى السياسية اللبنانية، خاصة السيد سعد الحريري، رئيس نادي رؤساء الوزرات السابقين، التي تصرفت بطريقة استفزازية تنطوي على الكثير من التعالي والغطرسة مع الكتل النيابية الأخرى في خرق واضح لنصوص الدستور اللبناني وبنود اتفاق الطائف، وكل الأعراف المتبعة في تشكيل الحكومات.
صحيح ان الظرف حرج، والبلاد على حافة الانهيار سياسيا واقتصاديا، بسبب التوترات والاضطرابات الداخلية، وتصاعد احتمالات انفجار الحرب الاهلية، ولكن لان الوضع كذلك، لا بد من القبول بالحلول الوسطية، واحترام مشاعر الآخرين، ووضع اعتبارات التعايش والشراكة فوق كل الاعتبارات الأخرى.
فمكرون الذي يستند اليه البعض، ويراهنون على حمايته، ليس اقرب اليهم من ابناء وطنهم وشركائهم في تقرير مصيره.


***


كان صادما ما ذكره السيد نصرالله حول عدم اجراء مصطفى اديب، رئيس الوزراء المكلف، أي مشاورات مباشرة مع الكتل النيابية، وخاصة نواب كتلة المقاومة، ولا حتى بالرئيس عون، وان الذي كان يقوم بها باسمه هو السيد سعد الحريري، الذي لا يملك، وكتلته، وحلفاؤه، الأغلبية في مجلس النواب، في تناقض مع قيم الديمقراطية، وان كل ما تم عرضه هو اخذ العلم بعدد وزراء الحكومة المقترحة (14 وزيرا) ومداورة الحقائب، وكيفية توزيعها، وأسماء الوزراء.
الانطباع السائد أمريكيا وفرنسيا، وفي أوساط “حلفائهم” داخل لبنان والمنطقة ان حزب الله هو القوة المسيطرة، ويشكل دولة داخل دولة، فاذا كان الحال كذلك، فلماذا يتم تجاهل هذه الحقيقة، وتهميش الحزب، ومحوره بالطريقة التي جرى سرد تفاصيلها، والسيد نصرالله لا يكذب، واكثر من 92 بالمئة من الأعداء الإسرائيليين يؤمنون بهذه الحقيقية، حسب استطلاعات رأيهم، بينما لا يحصل بنيامين نتنياهو الا على اقل من 5 بالمئة ويعتبره مستوطنوه الكاذب الأكبر، اللهم الا اذا كان هؤلاء لا يريدون للمبادرة الفرنسية ان تنجح، ويدفعون بالبلاد الى الحرب الاهلية.
وليس ادل على هذه الحقيقية، أي كذب نتنياهو، دعوة السيد نصرالله عشرات الصحافيين اللبنانيين لزيارة موقع في الاوزاعي في اطراف العاصمة بيروت ادعى نتنياهو انه يحتوي على مصنع للصواريخ قرب معمل للغاز، قد ينفجر في أي لحظة على غرار ما حدث في مرفأ بيروت، وبالفعل زار هؤلاء الصحافيون الموقع ولم يجدوا الا معملا لقوارير الغاز، ولا أي اثر لمصنع الصواريخ المذكور، او مخازن لها.
من حق السيد نصرالله ان يكون حزبه مشاركا في الحكومة، وله كلمة في إدارة شؤون البلاد، الا اذا كانوا يعتبرونه وانصاره غير لبنانيين، او انهم مواطنون من الدرجة العاشرة، وكان مصيبا عندما قال ان وجود وزرائه في الحكومات اللبنانية، هو لحماية ظهر المقاومة، والحرص على ما تبقى من لبنان، لان هناك من يريد بيعه من بوابة الخصخصة، لتسديد العجز في الميزانيات والديون التي زادت عن 100 مليار دولار.
نعم ان الفاسدين من النخبة السياسية الحاكمة الذين نهبوا لبنان وثرواته، وهربوا عشرات المليارات الى الخارج، ووضعوا غالبية الشعب اللبناني تحت خط الفقر وفي قلب المجاعة، لن يتورعوا على بيعه، قيادة البلاد من سيء الى أسوأ، فكم من هؤلاء المليارديرات تنازل عن دولار واحد من ثروته لمساعدة لبنان، مثلما فعل بيل غيتس وزملائه الامريكان في نادي المليارات الآخرين الذين تبرعوا بثلثي ثرواتهم وبما يزيد من مئة وخمسين مليار دولار للأعمال الخيرية في بلدهم والعالم بأسره.

***

العبارة الاجمل والاقوى في خطاب السيد نصرالله هي تلك التي قال فيها “لن نقبل بماكرون قاضيا، وحاكما، ووصيا، ومدعيا عاما”، وان عليه ان يخاطب اللبنانيين، او الشرفاء منهم خاصة، بلغة الاحترام وحفظ الكرامة.
نأمل ان يستمع الرئيس الفرنسي، وكل “حلفائه” في لبنان الى هذه الكلمات جيدا، ويتعلمون كيف يتعاطون مع الكتل الأخرى وقياداتها، والرئيس عون تحديدا، بطريقة تليق بهم، وترتقي الى مكانتهم وحجم تمثيلهم في الشارع اللبناني، وتأثيرهم في منطقة الشرق الاسط بأسرها، لان البديل هو انفجار الاحتقان الحالي حربا أهلية، سيكون العراب ماكرون هو اقل المتضررين منها.
مشكلة السيد نصرالله الكبرى انه نظيف اليد واللسان وسط محيط من الفاسدين، وكان الله في عونه.
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2020/09/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد