التقارير

#تقرير_خاص : ماخفي من القمة هو الأعظم..


رائد الماجد..

انتهت قمّة بوتين – بايدن وبدأ التأويل والتحليل حول ما حدث خلال ساعاتها التي قاربت الخمس، وهذا منطق الأمور كونها تجمع بين زعيمي بلدين يمتلكان الترسانة الأكبر من الأسلحة النووية في العالم ولهما الثقل الجيوسياسي والتأثير في أغلب الملفات السياسية والاقتصادية حول العالم، ولكن ما هو مثير للدهشة ربما التغطية الإعلامية لبعض وسائل الإعلام الأمريكية التي حاولت تظهير الرئيس الأمريكي وكأنه غير قادر على إدارة القمّة مع نظيره الروسي من خلال بث مجموعة الأخبار والمعلومات التي قام بها بايدن أثناء اللقاء (زلة لسان – قصاصات ورقية)، فهل بالفعل هذه حقيقة بايدن، أم أن ما يجري هو ضمن اللعبة الأمريكية في الإعلام والانقسام بين جمهوري وديمقراطي، أو أن هناك من لا يريد لنتائج هذه القمة أن ترى النور حتى لو تم التصويب على الرئيس الأمريكي نفسه.

كشفت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة مدى الانقسام الكبير والحاد في المجتمع الأمريكي بين الجمهوريين والديمقراطيين والتي لم يُحسم فيها –أي الانتخابات – اسم الفائز بشكل فعلي حتى تصويت المجمع الانتخابي بعد أكثر من شهر على انتهاء التصويت مع تسجيل اعتراضات من الرئيس السابق ترامب وفريقه ورفضه النتائج وما تلاها من أحداث الكابيتول واقتحامه من قبل أنصاره واتهام ترامب نفسه بزعزعة الأمن القومي الأمريكي ودعوات الديمقراطيين لمحاسبته مرة ثانية بعد تهمته الأولى بالتخابر مع روسيا، ثم الحديث عن التطرّف الأبيض وتهديده لوحدة أمريكا.

وبالتالي، فإن انتقاد بايدن بعد قمّته مع بوتين يأتي في هذا السياق للتأكيد أن الرئيس غير أهل للقيام بمهامه سواء من بوابة عدم قدرته على مجابهة خصمه العنيد الذي يحتاج إلى رئيس قوي كترامب للجلوس إلى جواره ومحاورته، أم من بوابة عمره الكبير والادعاء بأنه مصاب بالزهايمر وغيره من الأمراض، حيث جاءت الأصوات الجمهورية المنتقدة سريعة (بومبيو – ترامب). في حين كان هناك من يغمز بأن الهجوم لم يكن من الجمهوريين فقط وإنما من الديمقراطيين الذين يرون أن كامالا هاريس مهيّأة لتحل مكان بايدن على رأس الإدارة الأمريكية في ظل الوضع الصحي للرئيس.

الأمر الثاني أنه منذ الإعلان عن القمة، هناك داخل الإدارة الأمريكية، سواء في الخارجية أم وكالات الأمن القومي، من صوّب عليها وقال: إن الطريقة الوحيدة لمواجهة موسكو هي المجابهة والعقوبات، حيث رفضت الخارجية الحلول المطروحة لمشروع السيل الشمالي (ستريم 2) وطالبت بإيقافه، في حين كان هناك رأي مغاير من بايدن، كما كان هناك تصويب غريب على اللقاء من خلال البيانات التي تصدر عن القمم التي عقدها بايدن في أوروبا وحتى من واشنطن نفسها، ما يعني أن هناك تبايناً بالرأي كبيراً، وهناك بالفعل من لا يريد لها أن تنجح، ويدفع باتجاه تأجيج الوضع أكثر فأكثر.

أمام هذه الهجمة، كان لافتاً ظهور بوتين مدافعاً عن بايدن وعن الصورة التي رسمتها وسائل الإعلام الأمريكية مشيداً بمهنيته وبقدرته على إدارة الحوار: “بايدن رجل مهني ويجب توخي أقصى درجات الحيطة خلال التعامل معه كي لا يفوتك شيء ما، لأنه لا يفوته شيء، وهذا الأمر كان واضحاً تماماً بالنسبة لي”. وكأن الرئيس بوتين يريد أن يوصل رسالة بأن محاولات إفشال القمة بين الزعمين سقطت، فكلا الطرفين حسب بوتين “أبديا رغبة في فهم بعضهما بعضاً وإيجاد سبل لتقريب المواقف”.

وعليه فإن لقاء الإرادات الكبرى الذي وسمته الصحافة الروسية استطاع وضع لبنة أولى على طريق كسر الجليد بين القوتين العظميين في العالم، وإن كان هناك محاولات داخلية أمريكية لعرقلتها.. فهناك من ينتظر أن يبني على الشيء مقتضاه، فبكين التي كانت الحاضرة الغائبة في القمة أعلنت تأييدها لمواصلة الحوار بشأن الاستقرار الاستراتيجي في العالم، فهل هناك في واشنطن من يسمع؟

أضيف بتاريخ :2021/06/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد