التقارير

#تقرير_خاص : ماذا وراء قرارات #واشنطن في #أفغانستان ؟

محمد الفرج...

كان سقوط الحكومة في أفغانستان مفاجأة لصانعي السياسة الحاليين أكثر من العديد من المراقبين الذين لديهم إلمام طويل بديناميكيات البلاد، وكان ذلك السقوط حتمياً منذ فترة طويلة نظراً للطموحات غير الواقعية تمامًاً والإدارة السيئة للسياسة الأمريكية في أفغانستان، وللأسف، فإن تلك الآراء الأكثر تشاؤما ولكن الأكثر صوابا حول المشروع بأكمله، قد خُنقت إلى حد كبير من قبل وسائل الإعلام لدينا.

يجادل جميع المحافظين الجدد الإمبرياليين بأن رحيل الولايات المتحدة والانهيار اللاحق لحكومة كابول هما أمران مدمران بشدة "لمصداقية" أمريكا كقوة عظمى في العالم، ويرى هؤلاء أن الولايات المتحدة يجب أن تعمل كشرطي في كل مكان في العالم وأن الفشل في القيام بذلك هو علامة على الضعف والانحدار.

وتعتبر هذه الطريقة في التفكير كارثية إلى حد كبير حيث إن الانحدار العام لأمريكا محليا وجيوسياسيا هو العلامة الواضحة على ضعفها الأعمق.

وهناك اعتقاد دولي متزايد بأن الولايات المتحدة تعيش داخل فقاعة خيالية من الهيمنة العالمية، لم يظهر الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان لمدة 20 عامااً أي تقدم جاد نحو أهداف ملموسة، لكن المحافظين الجدد يكتفون بإلقاء مبالغ كبيرة تلو الأخرى في السعي الأعمى للهيمنة حتى في قلب "مقبرة الإمبراطوريات".

وعلى المستوى الإنساني، فإن مصير الأفغان في ظل حكومة طالبان الجديدة مهم فقد عانى الشعب الأفغاني في ظل الحروب المتكررة والمستمرة والتدخل العسكري منذ عام 1978، بدءًا من الانقلاب المحلي الذي قام به الشيوعيون الأفغان، والذي تلاه الغزو السوفييتي، والسنوات اللاحقة من القتال لطرد السوفييت من قبل مجموعات المجاهدين المدعومة من الولايات المتحدة، وما تلاه من حرب أهلية بين المجاهدين والتي أنهتها طالبان أخيرًا باستعادة النظام والانضباط الوطني بنوع من العدالة القاسية.

لكن تركيز واشنطن على أفغانستان لم يكن له علاقة بتأسيس مجتمع أفضل وأكثر إنصافًا للأفغان. لقد كان الدافع الظاهري للغزو الأمريكي هو تدمير "القاعدة" في أفغانستان. لكن السبب الأعمق للغزو والاحتلال الطويل هو إنشاء موطئ قدم عسكري وجيوسياسي في آسيا الوسطى على حدود روسيا والصين.

ولم يتم التعبير عن هذا الطموح بشكل صريح، ولكن كان مفهوماً بوضوح من قبل جميع القوى الإقليمية. وكانت "جوانب بناء البلد والجوانب الإنسانية" زينة إلى حد كبير لتغطية الطموحات الجيوسياسية لواشنطن. ولم تمت هذه الطموحات بالكامل حتى الآن بين المحافظين الجدد وداعمي التدخل الليبرالي.

وشئنا أم أبينا، فإن السمة الرئيسية لـ "الجغرافيا السياسية لما بعد أمريكا" ستكون العودة إلى حالة طبيعية أكثر من الناحية التاريخية للشؤون العالمية يشارك فيها لاعبون متعددون، وفي هذه الحالة، سيكون للاعبين المتعددين التأثير الأكبر على مستقبل أفغانستان وربما يكون تأثيرا للأفضل.

والحقيقة هي أن الدول الثلاث التي تعتبرها الولايات المتحدة أعداء - إيران وروسيا والصين - تشترك جميعها مع واشنطن في نفس الأهداف الرئيسية لمستقبل أفغانستان: الاستقرار وإنهاء إراقة الدماء وإنهاء الحالة الجهادية، لكن هذه الدول الثلاث تتحد أيضًا في معارضة شديدة للتدخل والهيمنة الأمريكية في أفغانستان وآسيا الوسطى.

لا ترغب أي من هذه الدول - إيران أو الصين أو روسيا - في رؤية الولايات المتحدة تثبت وجودها عسكريًا في قلب آسيا الوسطى، وبالتالي فهي سعيدة برؤية واشنطن تتخبط في عواقب ذلك الاحتلال. بمجرد إزالة النفوذ العسكري الأمريكي من قلب آسيا الوسطى، تصبح أفغانستان المزدهرة والمستقرة في مصلحة الجميع.

أضيف بتاريخ :2021/08/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد