التقارير

#تقرير_خاص : هل يحيي الانسحاب الأمريكي ماضي العلاقات السعودية الأفغانية؟

 

محمد الفرج...

لطالما كانت هناك علاقات معقدة بين السعودية وأفغانستان، وتعود هذه العلاقات إلى القرن 19 عندما أصبحت أفغانستان أول دولة إسلامية تعترف بالدولة السعودية الثانية من 1824 إلى 1891، وفي عام 1930، اعترف "بن سعود" بحكم الملك "نادر شاه" في أفغانستان، كما وقع البلدان في عام 1932 أول اتفاقية صداقة بينهما، وفي عام 1950، تم الاحتفاء بزيارة الملك "ظاهر شاه" للمملكة على طابع بريد سعودي.

وبقيت العلاقات وثيقة خلال العقود التالية، ولم يكن هذا عائد بالأساس للمصالح الجيوسياسية السعودية في أفغانستان ذاتها، وإنما بكيفية تأثير البلاد على علاقات السعودية مع إيران وباكستان، في ظل كون الأولى منافسة رئيسية للمملكة، بينما الثانية حليفة رئيسية.

العلاقات السعودية مع "طالبان"

بعد سيطرة "طالبان" على السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021، شجع بعض الخبراء السعودية على محاولة اللعب بورقة الدين مرة أخرى.

وفي يونيو/حزيران، وقّع علماء مسلمون من باكستان وأفغانستان والسعودية "إعلان السلام" في مكة، الذي وصفته الصحف السعودية بأنه "حدث تاريخي ومعلم على الطريق نحو المصالحة الشاملة في أفغانستان"، ولم يكن لهذه الخطوة على أي حال أي تأثير على محادثات السلام بين "طالبان" والحكومة الأفغانية، حيث رفضتها "طالبان" باعتبارها محاولة لسرقة الأضواء الدبلوماسية من قطر باستخدام "علماء مرتزقة".

وبدأ النفوذ السعودي على "طالبان" بتمويل المدارس الدينية في باكستان والتي انطلقت منها الحركة، وهو ما انتهى فعليًا في عام 1996 عندما سيطرت "طالبان" للمرة الأولى على الحكم في أفغانستان.

وفي نهاية التسعينات، تم منع المواطنين السعوديين رسميا من التبرع بالمال لأي جمعية خيرية غير معتمدة من الدولة، مما يعني وقف التمويل السعودي لـ"طالبان" إلى حد كبير، باستثناء عدد قليل من الأفراد الذين تصرفوا دون معرفة الحكومة.

وعندما حكمت "طالبان" أفغانستان في الماضي في الفترة من 1996 إلى 2001، كانت السعودية واحدة من 3 دول فقط تعترف رسميا بحكومتها.

ولم يكن ذلك بسبب تأييد السعودية لنظام "طالبان"، بل لأنهم كانوا يبحثون عن وسيلة لتسهيل المفاوضات التي كان يقودها رئيس المخابرات السعودية الأمير "تركي الفيصل" لإقناع "طالبان" بتسليم "أسامة بن لادن".

ورأى السعوديون أنه من خلال الاعتراف بحكومة "طالبان"، قد يتمكنون من ممارسة نفوذ مثلما فعلوا في الماضي مع الفصائل الأخرى وأمراء الحرب، لكن عندما سافر الأمير "تركي" إلى أفغانستان في عام 1998 مع وفد من الشخصيات الإسلامية، تم رفض طلبه من قبل الملا "محمد عمر".

نظرة السعودية لـ"طالبان"

يواجه "آل سعود" الآن لحظة حيرة بشأن أفغانستان، وأحد أهم أسباب ذلك أن العائلة المالكة تشبه الحكومة الأفغانية السابقة في اعتمادها على الولايات المتحدة للحماية من الأعداء الخارجيين والتهديدات الداخلية.

وفي تقرير لشركة "ويكي سترات" الاستشارية حول الآثار المترتبة على السعودية من سيطرة "طالبان" على الحكم، يقول "كوافت كريستيان أولريتشسن"، وهو زميل متخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر بجامعة رايس للسياسة العامة: "من المرجح أن تتصاعد الأسئلة في الرياض حول إخلاص وموثوقية الضمانات الأمنية الأمريكية، والتي كانت بالفعل موضع شك كبير منذ هجمات سبتمبر/أيلول 2019 على البنية التحتية السعودية للنفط".

وأردف "نيل كويليام" محلل الشرق الأوسط في مؤسسة "تشاتام هاوس"، في نفس تقرير "ويكي سترات": "من المرجح أن تبدأ قيادة طالبان حملة لتحدي شرعية آل سعود وتدعو الشعب السعودي مباشرة لتحدي سلطة الأسرة الحاكمة".

ويضيف أن "طبيعة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أقلقت السعودية، وأدى خطاب بايدن حول الانسحاب، حين أشار إلى أن البقاء في أفغانستان لم يعد يمثل مصلحة حيوية، إلى غضب في الرياض".

وقد تهاجم "طالبان" السعودية في حرب إعلامية، كما إن الجماعات الجهادية العابرة للحدود مثل "القاعدة" قد تهدد أيضا السعودية مرة أخرى انطلاقا من أفغانستان.

أضيف بتاريخ :2021/09/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد