الإستراتيجية الصناعية والمستقبل
ياسين عبدالرحمن الجفري ..
عادة ما تبني الصناعة الرئيسيّة حولها صناعات مساعدة أو داعمة تستمد منها قوتها وتميّزها في المنافسة في الأسواق المحلية أو الدولية. ويجب أن تركز الصناعة على الأسواق العالمية اذا أرادت لنفسها الاستمرارية وتخفيف القيود الاقتصادية المحلية. والنجاح عادة والصناعة الرئيسيّة يستلزم فترات زمنية طويلة حتى تستطيع أن تبني نفسها والصناعات الداعمة لها. وقد تلجأ بعض الدول إلى تسريع عجلة أو تكوين الصناعة الرئيسيّة لأهداف تنمية مستدامة وتنسى في خضم البناء أهمية وجود وتنمية الصناعات المساعدة أو الداعمة، الأمر الذي يجعل إمكانية الاستدامة وضعاً غير ممكن. فالمهم والذي تهتم به الحكومات عند هذا التوجه أن تهتم بالقيمة المُضافة وحجمها حتى تكون التوجُّهات صحيحة والعوائد الاقتصادية المحققة ذات قيمة للاقتصاد المحلي. والقضية معقدة وما نحاول قوله هنا إن استعجال التوجه نتيجة لتدخل ودون الاهتمام بالصناعات المساعدة والداعمة سيؤدي إلى حدوث خلل رئيسي ويفقد الصناعة الرئيسيّة الميزة والقدرة على المنافسة العالمية وبالتالي الاستمرارية. ولعل العقود الماضية والطفرات والنهضة الصناعية التي عايشتها السعودية خلال أكثر من نصف قرن من الزمان تجعلنا نعود مرة أخرى ونتساءل: لماذا لم تخرجنا من دائرة الاقتصاد الريعي الحالي ونتحول إلى مجتمع صناعي، خاصة وأن حجم الاستثمارات في الشركات العامة وصل إلى أرقامٍ ضخمة بكل ما تعنيه الكلمة. والإجابة أننا كوَّنَّا الصناعات الرئيسيّة واستثمرنا فيها وأهملنا الصناعات الداعمة والمساعدة، الأمر الذي جعل استمرارية النجاح والمنافسة وضعاً غير مستدام، وللأسف انعكس ذلك على هيكل الصناعة المحلية وعلى التوظيف والبطالة وجعلنا أكثر عرضة للصدمات من غيرنا وفقدنا عنصراً مهماً وهو الاستقرار الاقتصادي والذي يكون نتاج التوجه الصناعي. ويستلزم منا الوضع العودة مرة أخرى والتركيز على تكوين الصناعات المساعدة والداعمة حتى نستطيع الخروج من الوضع الحالي والنمط الاقتصادي الحالي. فالقدرة التي نريد الوصول إليها تفترض منا أن نعود مرة أخرى إلى تكوين الهيكل الكامل للصناعة وإتمامه، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى رفع نسبة وحجم التوظيف المالي والبشري في الاقتصاد المحلي، ويدعم الاختراق والمنافسة من طرفنا في الأسواق العالمية. والقضية تضع عبئاً ذا مردود عالٍ للمجتمع والدولة والتي ستصب بشكل مباشر في الاقتصاد المحلي.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/08