آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حمود أبو طالب
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي سعودي، عضو مجلس إدارة نادي جازان الأدبي , والمشرف على المنتدى الثقافي، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - فرع جازان.

من الآخر.. ما فيه سكن


حمود أبو طالب ..

ما زالت وزارة الإسكان، أو وزارة «الاستقعاد» كما سماها زميلنا خلف الحربي، تتفنن وتبدع في أفكارها التي تجعل احتمال الحصول على سكن يزداد تضاؤلا مع كل فكرة جديدة، ولو راجعنا عدد الأفكار التي طرحتها منذ إنشائها إلى الآن لتأكد لنا حقيقة وليس مجازا أن أزمة الإسكان هي أزمة فكر، ولكن ليس من جانب المواطن كما اتهمته الوزارة وإنما من جانب الوزارة ذاتها التي لم نعد قادرين على ملاحقة أفكارها التي تفاجئنا بها بشكل مستمر.

آخر إبداعات الوزارة الفكرية ما نشرته الصحف يوم قبل أمس السبت عن التعديلات التي أقرها وزير الإسكان على اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني، وهي تعديلات لا تجعل الحالم بالسكن يدخل منزلا وإذا دخله فقد يخرج منه سريعا ليدخل السجن. الوزارة قسمت الناس إلى فئتين، القادرين على سداد القسط المالي (٣٣%) من دخل المتقدم دون الحاجة إلى تضامن أفراد أسرتهم المدرجين معهم في الطلب، وغير القادرين على سداد القسط إلا بالتضامن مع أفراد الأسرة، وبدلا من إعطاء الأولوية لغير القادرين لأن المنطق يستنتج أن حاجتهم أشد للسكن تبعا لتدني دخلهم فإنها قدمت الفئة الأولى في الأحقية، أما النكتة السوداء فهي تتعلق بفئة غير القادرين على سداد القسط حتى بتضامن أفراد الأسرة، إذ اشترطت الوزارة إحضار كفيل غارم تقبله الوزارة حسب معاييرها لمدة ٢٥ عاما. كما أن هناك بعض التفاصيل في تعديلات اللائحة تحتاج إلى قرص مهدئ قبل قراءتها.

مثل هذه الشروط لا تنم أن من وضعتها وزارة حكومية أنشأتها الدولة لتوفير السكن للمواطنين بعد أن وفرت لها مئات المليارات وملايين الأمتار من الأراضي وقدمت لها كافة التسهيلات، وإنما شركة عقارية أو بنك تمويلي يضع أقسى الشروط وأعقدها للحصول على سكن. إن مسألة استقطاع ٣٣% من دخل المواطن لمدة ٢٥ عاما هي في الحقيقة إجباره على حياة الكفاف الشديد، بل الخطر لأنه لن يستطيع أبدا مواجهة أي ظرف طارئ، ووضع مثل هذا يستلزم زيادة عيادات الأمراض النفسية والعصبية أضعاف ما هي عليه الآن. أما مسألة توفير كفيل غارم لمدة ٢٥ عاما فإنها ذروة خيال الوزارة، وأرجوها أن تقوم باستبيان يشمل كل سكان المملكة لتعثر لنا على شخص واحد فقط مستعد لهذه الكفالة.

ببساطة، لن يحصل المواطن البسيط على سكن ما دام هذا نمط تفكير الوزارة وتخطيطها، وما دام الأمر كذلك ألغوا هذه الوزارة ودعوا الخلق للخالق فهو كفيل بعباده.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/05/30

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد