قصة وحدث: الغزو الأمريكي ما بين رفع علم وإنزال آخر
* أسباب الغزو الأمريكي للعراق:
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، اتخذ وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفيلد قرارًا بغزو العراق، في الوقت الذي كانت فيه قيادة الرئيس جورج بوش الابن تعمل على إقناع قادة الكونغرس والرأي العام الأمريكي والعالمي بضرورة غزو العراق، حيث انطلق بوش في تصريحاته من فكرة بأن العراق حليف لتنظيم القاعدة وبأنه: "ليس خيارًا بالنسبة لنا ألا نفعل شيئًا إزاء التهديد الخطير الذي يشكله البرنامج العراقي لإنتاج أسلحة إستراتيجية"، وقد أيده بذلك رئيس الحكومة البريطاني طوني بلير الذي حذر من: "المخاطر التي يشكلها امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل".
إذن كان السبب حسب ادعاءات كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هو امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وتصنيعها لها، وعدم تعاون القيادة العراقية في تطبيق 19 قرارًا للأمم المتحدة بشأن إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها. إلا أن هناك أسبابًا أخرى -وأهمها اقتصادية- سيما أن العراق يمتلك ثروة نفطية هائلة. فإحدى الوثائق المسربة تظهر طلب وتحريض مسؤولي شركات النفط الكبيرة الأمريكية على غزو العراق منها على سبيل المثال مجموعة هاليبرتون النفطية، وشركات نفط بريطانية من بينها شركة "شل"، إلى جانب هذا العامل الاقتصادي هناك عامل تقديم الدعم اللوجستي للقوات الأمريكية الموجودة في الشرق الأوسط وأسيا الوسطى.
وخلال لقاء ما بين الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ورئيس الحكومة البريطانية طوني بلير في البيت الأبيض تم : "تحديد موعد بدء الحملة العسكرية بشكل مبدئي ليكون في العاشر من مارس حيث ستبدأ عمليات القصف" كما صرح مستشار بلير.
* الغزو الأمريكي للعراق:
شارك في هذه العملية التي أطلقت عليها واشنطن ولندن اسم: "عملية الحرية من أجل العراق" عشرون دولة وقد استمرت لمدة 19 يومًا، أما وجود الاحتلال الأمريكي فقد بقي حوالي التسع سنوات. وقد كلفها ما يزيد على 801 مليار دولار.
بدأت العملية في 20 مارس 2003 وذلك بعد انقضاء ساعة ونصف على المهلة التي أعطاها جورج بوش الابن لصدام حسين ونجليه لمغادرة العراق، حيث سمع دوي الانفجارات في العاصمة بغداد. واعتمدت القوات الأمريكية عنصري "الصدمة والترويع" في عملياتها العسكرية الجوية والأرضية، وخلال ثلاثة أسابيع سقطت الحكومة العراقية، وفي 19 أبريل من العام نفسه أعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على كامل المناطق والمدن العراقية.
وفي 1 مايو من عام 2003 أعلنت الولايات المتحدة نهاية العمليات القتالية الكبرى، وفي 22 مايو أصدر مجلس الأمن قرارًا رقمه 1483 ينص على "شرعنة الاحتلال" عبر دعم الإدارة الجديدة ورفع العقوبات عن العراق. واكب التواجد الأمريكي في العراق سلسلة من التفجيرات والمواجهات العسكرية، حيث ذهب مئات الآلاف من المدنيين ضحايا لهذا الغزو الذي أراح الشعب العراقي من بطش وجور صدام حسين، إلا أن الجيش الأمريكي لم يأت بالورد ولم يتعامل مع الشعب العراقي كما ادعى من أجل ديمقراطيته وحريته، بل عزز الطائفية والمذهبية بين أبنائه، والدليل على ذلك ما حصل من تفجيرات تارة في جامع سني وتارة في ضريح أحد الأئمة (ع)، إضافة إلى ما قامت به شركة بلاك ووتر من جرائم.
وفي 12 يناير أعلن البيت الأبيض رسميًّا أن عمليات التفتيش في العراق قد انتهت دون العثور على أسلحة الدمار الشامل، وفي 7 أكتوبر من عام 2008 توصل كلّ من العراق والولايات المتحدة إلى مشروع اتفاق أمني يحدد نهاية عام 2011 كآخر تاريخ لانسحاب الجيش الأمريكي.
* إنزال العلم الأمريكي في العراق:
بعد 9 سنوات من حرب دار حولها الكثير من التساؤلات والإشكاليات سيما أن الكونغرس قد أعلن عن نيته عن تنفيذ مشروع تقسيم العراق، وجوبه برفض إيراني وعراقي.. وتطبيقًا للاتفاقية الأمنية التي وقعت في عام 2008 بين بغداد وواشنطن انسحبت القوات الأمريكية من العراق بعدما رفضت الحكومة العراقية منح آلاف الجنود الأمرسكيين حصانة قانونية تحت حجة تدريب القوات العراقية على مواجهة الإرهاب. وقد بلغ عدد الجنود الأمريكيين في العراق حوالي 170 ألفًا، شغلوا 504 قاعدة عسكرية، ووصل عدد قتلاهم إلى 4408 أما الجرحى فحوالي 32195، وقد قتل أيضًا 179 جنديًّا بريطانيًّا.
في الخامس عشر من ديسمبر من عام 2011 تم إنزال العلم الأمريكي في بغداد للإعلان الرسمي عن انتهاء العمليات العسكرية الأمريكية، وذلك في احتفال نُظم في القاعدة العسكرية بمطار بغداد الدولي بحضور وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا والسفير الأمريكي في بغداد جيمس جيفري. وبهذا تكون قد انطوت صفحة من صفحات الجشع والطمع في العراق، رغم أن العين الأمريكية لا تزال على نفط وغاز العراق.
والسؤال الكبير الذي يطرح هل انتهى الغزو الأمريكي بشكل دائم أم أن هناك وجوهًا أخرى لهذا الغزو لا تزال تتربص بالعراق؟
أضيف بتاريخ :2017/12/15