قصة وحدث: ’’صفقة وفاء الأحرار’’: صفقة شاليط
* مشهد بانورامي لسجون الاحتلال:
تعتبر قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي من القضايا التي تحتل مكانة كبيرة في وجدان الشعب الفلسطيني نتيجة المعاناة القاسية التي يعيشونها في ظل انشغال الجميع عن هذه القضية الوطنية والإنسانية، وقد شهدت سجون الاحتلال نتيجة الأوضاع المتردية والتضييق على المعتقلين والاقتحامات غير المبررة لغرفهم وعدم السماح برؤية أهاليهم إلا مرة كل خمسة أشهر أو أكثر، خطوات احتجاجية من قبل المعتقلين إضافة إلى الإضراب عن الطعام كما حصل في شهر أبريل من هذا العام تحت عنوان "إضراب الكرامة"، فهناك مأساة يعيشها المعتقلون على كافة الصعد الصحية والمعيشية وخاصة أن هناك العشرات من الأسرى مصابون بالسرطان، وهناك العشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتبعًا لآخر الإحصاءات عن الأسرى حسب وكالة "وفا" لعام 2017 هناك أكثر من 7000 أسير، بينهم حوالي ال600 بحكم المؤبد، إضافة إلى وجود أكثر من 60 أسيرة منهن حوالي 17 قاصرة و13 أسيرة جريحة. والطامة الكبرى وجود أكثر من 310 أطفال دون الـ 18 عامًا أسرى.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن هناك 210 أسير شهيد منذ عام 1967 منهم 72 أسيرًا استشهدوا نتيجة التعذيب و57 استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي و74 استشهدوا نتيجة القتل المتعمد. وهناك ما يسمى داخل سجون الاحتلال ب "عمداء الأسرى" أي الذين أمضوا أكثر من 20 عامًا في السجون الإسرائيلية، بحيث يوجد 9 أسرى تجاوزوا الثلاثين عامًا و21 أسيرًا مضى على اعتقالهم أكثر من 25 عامًا و29 أسيرًا من المعتقلين القدامى قبل اتفاقية أوسلو 1994.
حتى أن النواب لم يستثنوا من الاعتقال فقد اعتقل 13 نائبًا من المجلس التشريعي، وبشكل عام سجلت نحو مليون حالة اعتقال طوال سنين الاحتلال. نتيجة لهذا كان لا بدّ من تحرك المقاومة الفلسطينية لاسترجاع المعتقلين فكان التوجه النوعي بخطف جنود إسرائيليين ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين، وهذا ما حصل في صفقة شاليط أو ما سمي بصفقة "وفاء الأحرار".
* صفقة شاليط :
تُعد هذه الصفقة من أضخم عمليات تبادل الأسرى، وقد سميت بهذا الاسم نسبة للجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، الذي نال شهرة عالمية بعد خطفه بعملية نوعية للمقاومين على يد كتائب "عز الدين القسام" ومجموعة من الفصائل الفلسطينية، حيث أطلق على هذه العملية "الوهم المتبدد".
استهدفت هذه العملية قوة للعدو من لواء "جفعاتي" كانت ترابط في موقع كيريم شالوم على الحدود بين مدينة رفح الفلسطينية والكيان الغاصب، حيث نجح المقاومون بالتسلل عبر نفق أرضي كانوا قد حفروه سابقًا تحت الحدود مما ساعدهم على النجاح في عنصر "المباغتة". وكانت نتيجة هذه العملية الفدائية مقتل جنديين وإصابة خمسة آخرين بجروح وأسر جلعاد شاليط.
خمس سنوات قضاها شاليط في مكان سري بقطاع غزة لم تتمكن مخابرات العدو وعملاؤه من تحديد مكانه، رغم أنها شنت عدوانَين على غزة نهاية عام 2008 وبداية 2009 إلا أنها فشلت في إيجاده.
بدأت المفاوضات مع حركة حماس منذ اللحظات الأولى لأسر شاليط وتدخل أكثر من وسيط وعلى مدى سنوات لإتمام الصفقة، إلى أن نجح الوسيط المصري في إتمام الصفقة وتم إطلاق 1027 أسيرًا بينهم 500 أسير من ذوي الأحكام المؤبدة والعالية مقابل الإفراج عن جلعاد شاليط. وقد تمت هذه الصفقة ما بين حماس والكيان الغاصب في الـ 18 ديسمبر من العام 2011م، وبالتالي فإن هذه الصفقة الناجحة أعادت لحماس موقعها في الشارع الفلسطيني.
وقد أثبتت هذه التجربة نجاح مقولة "العين بالعين"، ونتيجة نجاحها تطرح منذ فترة في الأروقة السياسية صفقة "شاليط 2" وذلك لإعادة جثتي المقاتلَين الإسرائيليّن شاوول أورون وهدار غولدين المحتجزتين لدى حركة حماس منذ حرب غزة عام 2014، مقابل تحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني. ولندع الأيام تظهر ما إذا كانت صفقة "شاليط 2" ستحقق الغاية المطلوبة كما حققتها "شاليط 1".
أضيف بتاريخ :2017/12/18