قصة وحدث: #سمير_القنطار: حكاية مقاومة وشهادة
* من هو سمير القنطار ولماذا أسر؟
ولد سمير القنطار عام 1962 في بلدة عبيه في جبل لبنان، منذ صغره اهتم بالنضال والمقاومة فلم يصل لعمر الـ17 عامًا إلا وكان قد التحق بالمعسكرات التدريبية التابعة لجبهة التحرير الفلسطينية. ونتيجة لرغبته بتنفيذ عملية فدائية تم اختياره مع اثنين من رفاقه للقيام بعملية عبر الحدود الأردنية في منطقة بيسان داخل فلسطين إلا أنه تم إلقاء القبض عليهم من قبل جهاز المخابرات الأردنية بتاريخ 31 يناير 1978 حيث أسروا لمدة 11 شهرًا، بعدها تم الإفراج عنهم بشرط أن لا يدخلوا الأردن مرة ثانية.. إلا أن هذا الاعتقال لم يكسر من عزيمة سمير القنطار بل جعله أكثر إصرارًا على تنفيذ العملية وهذا ما حصل في 22 أبريل 1979.
نفذ سمير القنطار مع ثلاثة من رفاقه: عبد المجيد أصلان، مهنا المؤيد، وأحمد الأبرص وبإشراف أمين عام الجبهة آنذاك أبو العباس عملية نوعية أطلقوا عليها اسم "القائد جمال عبد الناصر". انطلقت المجموعة من شاطئ مدينة صور بزورق مطاطي صغير من نوع "زودياك" وكان الهدف الوصول إلى مستعمرة نهاريا وأسر رهائن من جيش العدو لمبادلتهم بمقاومين معتقلين في السجون الإسرائيلية. نجحت المجموعة في اختراق رادرات العدو وترسانة أسلحته بحيث أنهم أخفوا الزورق عن الرادار وحرس الشاطئ. واستطاعوا أن يصلوا إلى نهاريا عند الساعة الثانية فجرًا، وفي تلك المستعمرة كان يوجد أكبر حامية عسكرية إضافة إلى الكلية الحربية ومقرّ الشرطة وخفر السواحل وشبكة الإنذار البحري ومقر الزوارق العسكرية، بدأت المجموعة عمليتها حيث اقتحمت إحدى البنايات العالية التي تحمل رقم 61 بعد أن انقسموا إلى قسمين وحصلت اشتباكات بينهم وبين دورية للشرطة دفعتهم للتوجه نحو الشاطئ، وقتل في هذه الاشتباكات رقيب إسرائيلي.
والملفت في هذه العملية بأن المجموعة نجحت في أسر عالم الذرة الإسرائيلي "داني هاران" الذي اقتادوه معهم إلى الشاطئ. وقد اندلعت المعركة الرئيسية عندما حاول سمير القنطار الاقتراب من الزورق للعودة، حيث سقط أحد رفاقه شهيدًا وآخر أصيب بإصابات بالغة حتى أن القنطار أصيب بخمسة رصاصات في أنحاء مختلفة من جسده، ونتيجة لهذه الاشتباكات العنيفة استقدمت قوات العدو وحدات لتعزز قوتها أكثر وقد استطاع سمير القنطار أن يطلق النار على قائد قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية الجنرال يوسف تساحور فأصابه بثلاث رصاصات في صدره.. وكانت الحصيلة النهائية للعملية ستة قتلى من بينهم عالم الذرة و12 جريحًا، أما أفراد المجموعة المقاومة فاستشهد منهم عبد المجيد أصلان ومهنا المؤيد واعتقل سمير القنطار وأحمد الأبرص الذي أطلق سراحه عام 1985.
في 28 يناير 1980 حكم على سمير القنطار بخمس مؤبدات مضافًا إليها 47 عامًا لتصل مدة حكمه إلى 542 عامًا، والجدير ذكره أن سمير القنطار عندما نفذ العملية لم يكن يتجاوز السابعة عشرة من عمره، إلا أن هذه الأحكام الجائرة والقاسية لم تقض على إرادته فقاوم بطريقته داخل السجن، حيث حصل في سبتمبر 1998 على درجة بكالوريوس في الأدبيات والعلوم الاجتماعية من الجامعة الإسرائيلية المفتوحة بتل أبيب والتي تستخدم طريق التعليم عن بُعد، إلى جانب حصوله على لقب النائب عن الأسرى فكان يتحدث بلسانهم ويطالب بحقوقهم داخل السجن ويقوم بالاحتجاجات والاعتصامات. بقي سمير القنطار في الأسر حتى تاريخ 16 يوليو عندما أطلق سراحه أثناء صفقة التبادل التي حصلت بين حزب الله والكيان الغاصب.
* سمير القنطار خارج الأسر:
في الثاني من يوليو من عام 2006 وجهت المقاومة الإسلامية في لبنان ضربة قاسية ومؤلمة للعدو الغاصب عبر اختطاف جثتي اثنين من جنوده بعملية نوعية أطلق عليها اسم :" الوعد الصادق" وذلك في منطقة خلة وردة على بعد أمتار من السياج الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة حيث حصلت اشتباكات بين الطرفين أدت إلى مقتل الجنديين وأسرهما من قبل عناصر حزب الله. هذا الخطف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أدى لعدوان تموز على لبنان حيث صبت إسرائيل جام غضبها على القرى والبلدات والمدن الجنوبية وصولًا إلى العاصمة والضاحية وبعلبك والبقاع، جنون العدو استمر لمدة ثلاثة وثلاثين يومًا لم ينتج عنها إلا خسارة مدوية وانهيار لما سُمي ب "الجيش الذي لا يقهر".
عملية الخطف هذه كانت ورقة قوية وضاغطة لصالح حزب الله، وبعد مفاوضات استمرت لسنتين عبر وسطاء حصلت عملية التبادل في 16 يوليو 2008 حيث سلم حزب الله رفات الجنديين الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر مقابل الإفراج عن عميد الأسرى سمير القنطار و4 مقاومين للحزب أسرتهم إسرائيل في عدوان تموز 2006 وهم: ماهر كوراني، محمد سرور، حسين سليمان وخضر زيدان، كما أعاد العدو رفات لحوالي 200 شهيد فلسطيني ولبناني.
استقبل عميد الأسرى ورفاقه بمهرجان شعبي ورسمي حاشد في الضاحية الجنوبية لبيروت بحضور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. إلا أن سمير القنطار لم يشأ أن يرتاح بعد طول المعاناة والتعذيب في سجون الاحتلال، بل قرر أن ينذر حياته للمقاومة وللشهادة وهذا ما حصل. فقد توجه القنطار إلى سوريا لمواجهة الجماعات التكفيرية الإرهابية وانضم إلى صفوف حزب الله فقاتل على الجبهات.
وفي 19 ديسمبر من عام 2015 ارتقى سمير القنطار شهيدًا بغارة جوية إسرائيلية شنتها على مكان إقامته بمبنى سكني في جرمانا جنوب دمشق، وقد اعترف العدو الإسرائيلي بأن القنطار كان هدفًا لهم كتصفية حساب قديم..
سمير القنطار مقاومًا جريحًا أسيرًا فمقاومًا فشهيدًا.... مسيرة نضال وجهاد ختمها بما تمناه بلقب "الشهيد".
أضيف بتاريخ :2017/12/19