خلافات في الداخل #الأمريكي سببها #المملكة_السعودية
يعتزم الكونغرس الأمريكي تجاوز فيتو فرضه الرئيس الأمريكي، للمرة في ولاية هذا الأخير وذلك لتفعيل مشروع قانون يسمح لذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة المملكة السعودية.
ويدور الحديث عن حق النقض المستخدم من قبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في 23 سبتمبر/أيلول الجاري، ضد المشروع، الذي أطلق عليه اسم "قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب"، ويتيح لأفراد أسر ضحايا العمليات الإرهابية المنفذة من قبل تنظيمات إرهابية دولية مقاضاة حكومات البلدان التي قدمت دعما لها ومطالبتها بتعويضات.
وأصبح هذا الفيتو الـ12 والأخير على الأرجح الذي يفرضه أوباما في ولايته الرئاسية المستمرة منذ 8 سنوات، لكنه يعتبر الأخطر سياسيا بسبب المواجهة النادرة من حيث حدتها بين الإدارة الأمريكية والكونغرس، حيث كان كل من مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين قد صوتا في وقت سابق بالإجماع لصالح إقرار المشروع.
وفي حال تفعيل "قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب"، فمن شأنه أن يرفع الحصانة السيادية، التي تمنع إقامة دعاوى قضائية ضد حكومات الدول التي يثبت أن مواطنيها شاركوا في هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية.
التطورات الأخيرة، تشير بوضوح إلى أن استخدام أوباما حق الفيتو ضد مشروع القانون المذكور أثار خلافات حادة ضمن الصفوف السياسية الأمريكية، وقد يصبح سببا لتوحد نادر للديمقراطيين والجمهوريين من أجل تجاوز الفيتو، في تحد للإدارة الأمريكية الحالية.
تتوقع وسائل الإعلام الأمريكية رغم أنباء تحدثت عن نية بعض أعضاء الكونغرس التخلي عن دعم الوثيقة، أن تصوت الأغلبية الساحقة في كلا المجلسين ضد الفيتو الرئاسي، فيما أعرب زعيم الكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ، التي ينتمي إليها معظم أعضاؤه، وكذلك رئيس مجلس النواب، السياسي الجمهوري بول رايان، عن ثقتهما بأن ثمة توافر للأصوات اللازمة لتجاوز هذا الفيتو، وهو ما يمكن أن يشكل ضربة موجعة للبيت الأبيض في الأيام الأخيرة من رئاسة أوباما.
ومن المتوقع أن تبدأ عملية التصويت حول تجاوز الفيتو في مجلس النواب خلال الأسبوع الجاري.
وتجدر الإشارة إلى أن مكتب الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون، أكد، في اليوم الذي أعلن عن استخدام أوباما حق النقض، أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ستوقع على مشروع القانون حال فوزها في السباق الرئاسي، فيما تعهد المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بأنه أيضا سيقر القانون بعد انتخابه، واصفا فيتو أوباما بـ"المخجل".
من جهة أخرى، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن القرار لصالح القانون يعززه بشكل ملموس الموقف الحازم لأفراد عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر، لافتة إلى أن هذه الكتلة ومحاميي مصالحها في المؤسسات السياسية الأمريكية يحظون بتعاطف أغلب المواطنين الأمريكيين، وبالتالي يتمتعون بنفوذ سياسي كبير.
وقالت الصحيفة، في هذا السياق، إن السعي لتجنب مواجهة مباشرة مع ذوي ضحايا الهجمات هو سبب توقيع أوباما المرسوم الخاص بفرض الفيتو على القانون وراء الأبواب المغلقة.
من جهة أخرى، يقول معارضو "قانون العدالة بحق رعاة الإرهاب" إنه قد يتسبب في توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية، التي تمثل حليفا أساسيا في الشرق الأوسط بالنسبة لواشنطن، ويؤدي إلى صدور قوانين جوابية انتقامية تستهدف المواطنين أو الشركات الأمريكية في بلدان أخرى.
وقال الرئيس الأمريكي، في بيان نشره البيت الأبيض، عقب فرض الفيتو: "إن مشروع القانون هذا قد يلحق أضرارا بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة على نطاق أوسع، وهو يهدد أيضا بتعقيد علاقاتنا مع أقرب شركائنا".
وأعلن أن الوثيقة "لن تحمي الأمريكيين من العمليات الإرهابية ولن تزيد من مدى فعالية الإجراءات الجوابية".
كما اعتبر أوباما، في البيان، أن مشروع القانون "يعارض أسلوب العمل الذي التزمت به الولايات المتحدة في الساحة الدولية على مدى عقود"، محذرا من أن هذه الوثيقة "قد تدمر مفهوم الحصانة السيادية، التي تدافع عن المواطنين الأمريكيين منذ زمن طويل".
وموقف الرئيس الأمريكي، أيدته مجموعة ملموسة من كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين، ضمت سياسيين من كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، وذلك عبر توجيه رسالة إلى الكونغرس انتقدوا فيها القانون بشدة.
ومن بين أبرز السياسيين الذين وقعوا على الرسالة، وزير العدل الأمريكي السابق والعضو في الحزب الجمهوري مايكل ماكيسي، الذي يشارك دائما في مناقشات تلفزيونية حول مشروع القانون المذكور، مصرا على أن انتهاك مبدأ الحصانة السيادية يهدد مباشرة حياة العسكريين والدبلوماسيين والمسؤولين الأمريكيين.
وفي سياق متصل، تنفي حكومة المملكة السعودية بشكل قاطع مسؤوليتها عن هجمات 11 سبتمبر2001 في الولايات المتحدة، وتعترض بشدة على مشروع القانون، حيث أعرب وزير خارجية المملكة، عادل الجبير، أثناء زيارته إلى واشنطن، في شهر مارس/آذار الماضي، عن قلقه العميق إزاء إعداد مشروع قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب"، وهدد، حسب وسائل إعلام أمريكية، ببيع أصول المملكة السعودية، التي تحتفظ بها المملكة في الولايات المتحدة وتبلغ 750 مليار دولار.
وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بأن السلطات السعودية قد أنفقت أكثر من 3 ملايين دولار لدعم مجموعة السياسيين الأمريكيين المعارضين للقانون، مشيرة إلى أن الرياض كثفت بشكل حاد جهودها في هذا المجال خلال الأسبوع الماضي.
الصحيفة أوضحت أن سلطات المملكة السعودية وقعت 3 صفقات مع محاميي مصالها في الكونغرس، من بينهم الزعيم السابق للكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ، ترينت لوت، والعضو السابق في المجلس السياسي الديمقراطي، جون بروو، اللذان يمثلان شركة "Squire Patton Boggs"، وهي ستحصل من الرياض على 100 ألف دولار شهريا.
كما أبلغت سلطات المملكة السعودية واشنطن بأنها كلفت شركة SGR"" بحماية مصالح الرياض، التي ستدفع لها 45 ألف دولار شهريا.
أضيف بتاريخ :2016/09/28