دولية

’السبب الحقيقي لإقدام السعودية على إعدام الشيخ النمر’

 

توقفت الباحثة الأميركية "شيرين هانتر" عند السبب الرئيسي الذي دفع بالمملكة السعودية لتجاهل مناشدات مرجعيات إسلامية وزعماء سياسيين لعدم تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ نمر باقر النمر، مفسرة تنفيذ لحكم بأنه أتى بهدف استفزاز ايران وجرها للرد، لتبرير هجوم عسكري تنفذه السعودية ضدها.

 

وفي مقال بعنوان "السبب الحقيقي لإقدام السعودية على إعدام الشيخ النمر"، نُشر على موقع "لوب لوغ فورين بوليسي"، كتبت "هانتر": "من الواضح أن السعودية ليست على يقين بأنها ستكسب الحرب ضد إيران، على الأقل لن تكسبها بسهولة وخصوصاً إن كانت وحدها".

 

وتعتبر الباحثة في مركز التقارب الإسلامي-المسيحي، بجامعة "جورج تاون" في واشنطن، انه في الوقت الذي تلجأ السعودية إلى إحصاء أرقام دول عربية وغير عربية تنضم إلى هذه المغامرة، هناك بعض الدول العربية، وتحديداً الإمارات قد تكون سعيدة بالقيام بذلك. إلا أن قطر والكويت لا يمكنهم المشاركة إلا تحت التهديد أو الرشوة، أما مشاركة باكستان فستكون بناء على التزامها "بالدفاع عن المملكة ضد التهديدات الخارجية".

 

وتربط "هانتر" تنفيذ حكم إعدام الشيخ النمر بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى السعودية. وتعتبر أن تنفيذ الحكم بعد ساعات من اجتماع أردوغان بالملك السعودي أمر مهم ينبغي التوقف عنده. وتفسر رضى الجانب التركي بالقول: "بعد كل شيء، بعد كل شيء، ينظر أردوغان إلى إيران، على أنها وريثة الإمبراطورية الصفوية، وعقبة حقيقية أمام حلمه في إعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية".

 

"الجهود السعودية لجر إيران لرد فعل عنيف يفتح باب الحرب هي آمال سعودية حقيقية، لناحية أن التصرف الإيراني العنيف من شأنه أن يخلق ضجة في الدوائر السياسية بواشنطن، وخصوصاً في الكونغرس، ما سيجبرالولايات المتحدة على التدخل لمهاجمة إيران"، تقول هانتر. وتضيف أن التدخل العسكرية الأميركي الذي تأمله السعودية سيمكنهم من التخلص من إيران وللأبد.

 

وفنّدت "شيرين هانتر" التحركات التي أقدمت عليها السعودية سابقاً في محاولاتها لاستفزاز إيران: تدخلها العسكري في البحرين، والجهود التي بذلتها لاسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وأوردت في إطار ذلك أيضاً تفجير السفارة الايرانية في بيروت عام 2013، والذي ذهب فيه الملحق الثقافي الإيراني، ولاحقاً الحرب التي شنتها السعودية على اليمن. كما أوردت قضية الاعتداء على معتمرين إيرانيين في السعودية، إضافة إلى "قتل عدد كبير من الحجاج" في إشارة إلى فاجعة منى، وما تلاها من تعقيدات فرضتها السعودية في قضية التعرف على الجثث وتسليمها إلى ذويهم.

 

تضيف "هانتر": "عمل استفزازي آخر جرى أواخر الشهر الماضي، باعتقال زعيم الشيعة في نيجيريا، الشيخ إبراهيم الزكزاكي، وإقدام الجيش النيجيري على قتل ما يقرب من ألف شيعي لأسباب زائفة. وبعد اعتقال الشيخ الزكزاكي تلقى الرئيس النيجري اتصالاً من الملك السعودي الذي هنأه على تعامله الفعال مع الإرهاب"، وعقلت الكاتبة بالقول: "يبدو أن تعريف الملك للإرهاب يطال التقيد السلمي بالشعائر الدينية". وتابعت أن استهداف الشيعة تكرر في بلدان أخرى، كأذربيجان، وفي عمليات القتل العشوائي التي تنفذها جماعات متأثرة بالسعودية في باكستان وأفغانستان التي شهدت عملية قطع رؤوس لأطفال من الهزارة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

 

وترجح الكاتبة أن إيران لن تستسلم للاستفزاز السعودي الأخير، تماماً كما حصل في الاستفزازات السابقة، فهي لم ترسل قواتاً للدفاع عن البحرينيين والرد على التدخل العسكري السعودي هناك، ولم تتدخل بشكل مباشر في اليمن وبقي تدخلها محدوداً في سورية، ولم تبالغ في ردة فعلها إزاء تفجير سفارتها في بيروت، أو إساءة معاملة حجاجها في السعودية. ومع ذلك، فإن هناك مخاوف دائمة من  في أن تدفع العواطف الشعبية ومواقف بعض المتشددين للضغط على الحكومة للقيام برد أكبر.

 

"في ظل هذه الظروف، من الأهمية بمكان ألا نقلل من مخاطر الصراع الذي يمكن أن يوقع الولايات المتحدة في شرك حرب أخرى أخرى لا تريدها في الشرق الأوسط. المملكة العربية السعودية في لحظة تشبه إلى حد كبير حيواناً جريحاً وغاضباً. فقد فشلت الكثير من خططها للهيمنة الإقليمية، وهي مثقلة مع أعباء مالية ضخمة. الأهم من ذلك، أنها لا تزال تغلي غضبا على الاتفاق النووي بين ايران ودول مجموعة (5+1). غير راغبة في رؤية كيف أنه لا يعقل أن عليها أن تلجأ إلى تهديد الجميع أو رشوتهم لتحقيق طموحاتها، والسعوديون يلقون باللوم على ايران لأن طموحاتهم قد أحبطت."

 

تتابع "هانتر" أن الغرب عزز "الأوهام السعودية" إلى حد كبير بتجاهله "للاعتداءات البشعة التي طالت حقوق الشيعة في السعودية وفي أماكن أخرى وتشويه صورة إيران بشكل مفرط".

 

وتنتبه الباحثة الأميركية أن الحريق الطائفي في الشرق الأوسط لن يضر إيران وحدها، بل سيمتد إلى دول القوقاز وجنوب آسيا، مشيرة في الوقت نفسه أن أي حرب جديدة في الشرق الأوسط ضد إيران سيشمل بالتأكيد الصين وروسيا، ويهدد بفتح صراع بين القوى العظمى.

 

ختمت "شيرين هانتر" مقالها بالقول: "في ظل هذه الظروف، يجب على القوى العظمى، وخاصة القوى الغربية، كبح جماح السعوديين وأيضا ًمنع حلفائها في الشرق الأوسط وجنوب آسيا من الانجرار إلى الثأر السعودي ضد إيران. والأهم من ذلك، أنهم في النهاية يجب أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانت المملكة العربية السعودية تستحق حقاً الصداع الذي تسببه".

أضيف بتاريخ :2016/01/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد