’معهد واشنطن’: قاعدة تركيا العسكرية في قطر تعزز انحيازها إلى دول الخليج
قال باحثان في "معهد واشنطن" إن قرار أنقرة إنشاء قاعدة عسكرية جديدة لها في قطر "يضع تركيا ضمن المجموعة الصغيرة للدول المستعدة والقادرة على بسط نفوذها في الخليج العربي"، مؤكدَين أنها "ستعزز القاعدة الجديدة استقلالية قطر تجاه المملكة السعودية"، لافتَيْن إلى أن طهران تنظر إلى هذه القاعدة الجديدة "كخطوة عدائية".
وأضاف أوليفييه ديكوتينيي، وهو دبلوماسي فرنسي مقيم في "معهد واشنطن"، وسونر غاغابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في المعهد نفسه، في مقال نشر على موقع المعهد على الإنترنت، إن أنقرة والدوحة، "الموحدتين بفعل التاريخ والتطورات السياسية الأخيرة، تخوضان حالياً محادثات لتوقيع "اتفاقية وضع القوات"، ما يمهد الطريق لوجود عسكري تركي طويل الأمد في قطر".
ويضيف الباحثان أنه "سترفع خطوة تركيا في قطر من قيمة أنقرة لدى شركائها العرب وحليفتها الولايات المتحدة التي تميل على ما يبدو إلى تشارك العبء الذي يطرحه أمن الخليج. فضلًا عن ذلك، ستعزز القاعدة الجديدة استقلالية قطر تجاه المملكة السعودية. كما أنها قد تساهم في توفير الأمن لكأس العالم لكرة القدم للعام 2022م الذي يقام بإشراف "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (فيفا)، وهي جهود بارزة ومثيرة للجدل على نحو دائم بالنسبة إلى قطر، الدولة المستضيفة".
وبحسب الباحثان، "ستتضمن القاعدة التركية في قطر على ما يبدو قوة برية وبحرية وجوية وقوات خاصة بالإضافة إلى مدربين للجيش القطري، مما سيسمح لأنقرة بعرض معداتها العسكرية وربما تعزيز مبيعات دبابات "ألتاي" ومدافع الهاوتزر ذاتية الدفع من طراز "فيرتينا" وأسلحة أخرى تركية الصنع". علاوةً على ذلك، يلفت الباحثان إلى أن القاعدة "ستقدم للجيش التركي وسيلة للتدريب في الصحراء يفتقر إليها حالياً، مما يسمح للقوات البحرية التركية بإنجاز عمليات مكافحة القرصنة وعمليات أخرى في الخليج العربي والمحيط الهندي وبحر العرب، وقد تشكل القاعدة مركز للعمليات التركية المستقبلية ما وراء البحار". ويلفت الباحثان إلى أن القاعدة "ستنبئ بعودة البحرية التركية إلى المحيط الهندي للمرة الأولى منذ خمسينات القرن السادس عشر، حين حارب العثمانيون الإمبراطورية البرتغالية من أجل فرض السيطرة على تلك المنطقة إلا أنهم تعرضوا للهزيمة".
لكن الباحثان يحذران من أن "تكثيف الوجود التركي في الخليج يفترض تعرضاً أكبر للمخاطر، خصوصًا في ظل التوتر السعودي ـ الإيراني المتصاعد والذي تنحاز فيه تركيا إلى الرياض"، ويشيران إلى أن "القوات المتمركزة في القاعدة الجديدة في قطر ستكون سهلة المنال لناحية قدرات الصواريخ الكبيرة التي تتمتع بها إيران". وحتى الآن، "حافظت أنقرة وطهران على روابطها العسكرية وتمكنتا من إدارة خلافاتها السياسية بالرغم من كونهما خصمين في العراق وشنهما حربًا بالإنابة في سوريا. إلا أن الخليج هو بيئة أكثر تقلباً من حدود تركيا البرية مع إيران"، وفقاً لديكوتينيي وغاغابتاي.
وفي حين لم يخض الأتراك والفرس أي نزاع عسكري منذ بداية القرن السابع عشر، يرى الباحثان أن طهران "تنظر إلى هذه القاعدة الجديدة كخطوة عدائية وكإشارة إلى الانحياز التركي لدول الخليج السنية ذات الأنظمة الملكية. ومن غير المرجح أن تؤدي الإشارات الموازية إلى أن أنقرة تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى تحسين المناخ بين تركيا وإيران".
ويؤكد الباحثان أنه "في حين تكون اتفاقية الدفاع المشترك مثل تلك التي تعتزم أنقرة والدوحة عقدها متبادلة عادةً، إلا أن تقديم تركيا العون لقطر هو أكثر ترجيحاً من السيناريو المعاكس"، وفي الوقت نفسه يعتبران أن "الأتراك قد يحتاجون بدورهم إلى ضامن"، مستدلين بدراسة أجريت في العام 2013م حول القوات العسكرية البريطانية في الخليج، إذ أشار الباحثان في "معهد واشنطن" غاريث ستانسفيلد وسول كيلي إلى ما يلي: "هناك خطر بأن يكون الانتشار كبيراً بما يكفي "لإقحامنا في مأزق" ولكن صغيراً جداً لإخراجنا من المأزق عندما يبدأ".
وينبه ديكوتينيي وغاغابتاي أن "الأمر ذاته ينسحب على الانتشار التركي المرتقب في قطر والذي سيضم ثلاث آلاف جندي. ومع أن منظمة حلف شمال الأطلسي لا تقدم دفاعاً جماعياً للقوات الحليفة المنتشرة في الخليج، تملك الولايات المتحدة مقرها العسكري الخاص في قطر، وأكبر قاعدة جوية لها في الشرق الأوسط وهي قاعدة "العديد". بالتالي، تركب واشنطن القارب ذاته مع أنقرة وقد تصبح الضامن بفعل الأمر الواقع للقاعدة التركية".
أضيف بتاريخ :2016/01/13