تركيا في ’التحالف الإسلامي’ بقيادة السعودية: فرصة للصعود مجدداً في المنطقة؟
هي لحظة وجدتها السعودية مؤاتية لكي تقوم بخطوة معتبرة في زمن محاربة الإرهاب، فجمعت 34 دولة تحت قيادتها وشكلت "التحالف الإسلامي العسكري". وهي، في الوقت نفسه، لحظة ضرورية لتركيا المتراجعة إقليمياً لمحاولة الصعود مجدداً، فسارعت بالانضمام إلى هذا التحالف الذي يسعى أصلاً إلى منافسة إيران وروسيا على النفوذ في المنطقة قبل أي أمر آخر.
رحبت تركيا بتشكيل التحالف وأعلنت استعدادها لتقديم "كل مساهمة ممكنة لأي لقاءٍ يتعلق بمحاربة الإرهاب بغض النظر عن مكان إعداده أو الجهة التي ستنظمه"، ما يعني أنها تسلّم للسعودية بقيادة تحالف ستكون عضواً فيه، فأزالت بذلك شوائب في علاقاتهما سبّبها النزاع على أكثر من ملف إقليمي.
تبدو تركيا حالياً أقرب إلى السعودية من أي وقت مضى، فالخلاف في مصر حول "الإخوان" لم يعد أولويةً أمام التطورات في سوريا والعراق واليمن. ويستشعر البلدان الخشية من تنامي نفوذ إيران في المنطقة والدخول الروسي إلى سوريا، الذي أضعف دور أنقرة فيها، وتحالفها الموضوي مع السعودية ضد النظام السوري. فيصح الآن، إلى حد كبير، الوصف الذي أطلقته صحيفة "ذا مونيتور" الأميركية مرةً على العلاقة بين الرياض وأنقرة بأنها "مقدسة وغير قابلة للجدال".
من البديهي أن تذهب أنقرة إلى هكذا تحالف بعد وقوع الأزمة مع موسكو، بعد إسقاطها طائرة روسية في سوريا بتاريخ "24 نوفمبر 2015م". فالتحالف الذي أُنشأ لا يأتي مكملاً للدور الروسي في محاربة الإرهاب، خاصة أن موسكو أعلنت أنها علمت بشأنه من خلال وسائل الإعلام.
وثقل الإرهاب موجود حالياً في سوريا والعراق. يؤكد الأمير السعودي محمد بن سلمان أن التحالف لن ينفذ أي عملية في سورية والعراق قبل التنسيق مع السلطات الشرعية في تلك البلاد ومع المجتمع الدولي… فكيف سيُصرَف هذا التحالف عملياً؟ وماذا عن مفاعليه العسكرية؟
الثقل في العمليات الإرهابية تشهده كل من العراق وسورية. تسعى تركيا من خلال انخراطها في هذا التحالف لأن تكون بوابة هذا التحالف إلى سوريا حيث سعت على مدى أربع سنوات إلى تزعُّم الجبهة الشمالية ضد دمشق والتي تضعضعت على وقع الدخول الروسي وتقدم الجيش السوري وحلفائه في الميدان.
لم يحقق الرئيس التركي رجب أردوغان ما يريده في سوريا بإزاحة الرئيس بشار الأسد، واضطر إلى تعديل مغامرته القديمة ـ الجديدة في الموصل بعد رفع العراق الصوت ضد وجود القوات التركية هناك.
وهو يشعر حالياً أن بإمكانه التفلت من مداراته لإيران التي ضغطت عليه حتى لا ينضمن إلى الحرب على اليمن، وحددت له خطوطاً حمراً في سوريا، ويرى أيضاً أنها وروسيا جنباً إلى جنب يأكلان من صحنه، فلم لا ينخرط في جبهة عريضة مقابِلة لهاتين الدولتين قد ترفعه من جديد في المنطقة؟
أضيف بتاريخ :2015/12/16