التحالف الإسلامي الجديد: تعريفه للإرهاب وأي معايير ستحكمه؟
صباح الأربعاء "16 ديسمبر 2015"، استيقظ السعوديون كما غالبية العرب والمسلمين على تحالف جديد تحت مسمى " إسلامي عسكري " أطلقته السعودية بمشاركة 33 دولة أخرى بهدف معلن وهو "محاربة الإرهاب".
لم يشكل الإعلان مفاجأة للمراقبين وحدهم، فالعديد من الدول المشاركة تلقت نبأ مشاركتها في التحالف الجديد عبر وسائل الإعلام!
وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعلن عن تشكيل التحالف الجديد دون أن يحدد ماهية الإرهاب الذي تريد المملكة مواجهته، أو حتى المعايير التي ستحكم هذا التحالف.
التعليق الأبرز أتى على لسان المفكر المصري محمد حسنين هيكل، الذي سأل: "ما هي المعايير التي تم من خلالها إنشاء التحالف الإسلامي العسكري؟ وما هي الآليات، و من هو العدو؟"... "كيف تم التنسيق بين الدول في التحالف الإسلامي العسكري و ما هي الخطة الإستراتيجية و الآليات لتنفيذ الأجندة ؟"
وفي تغريدات له على "تويتر"، قال هيكل إن التحالف "لم يأتي بأرضية مشتركة، و لم يبنى على هدف واضح!"، قبل أن يجزم أنه تحالف "تحالف بلا تنسيق بلا رؤية بلا آليات محددة أهداف مشتتة !"
وفي معرض إشارته إلى عدم تعريف "الإرهاب"، سخر المفكر المصري من كون "التحالف" يضم دولاً "من أهم الداعمين لتنظيم داعش الإرهابي"... وختم معلقاً: "فلسطين قريبة"، في إشارة إلى إرهاب الإحتلال الصهيوني الذي تتغاضى عنه الأنظمة العربية وحكومات إسلامية.
أما الكاتب في صحيفة "الفاينشنال تايمز"، "جون اليان"، رأى أن "التحالف" الجديد ليس موجهاً ضد الجماعات الإرهابية فقط، بل له "غايات وأغراض أخرى" تسعى السعودية إلى تحقيقها.
وأجاب في تقريره عن تساؤلات حول ماهية الإرهاب الذي سيواجهه التحالف الجديد؛ أن هذا الحلف استثنى أهم ثلاث دول أساسية في المنطقة (إيران والعراق وسوريا)" التي "تحارب الإرهاب منذ أكثر من عشر سنوات".
وقال اليان: "إذا كان الحلف موجهاً ضد الإرهاب، فأنه الأولى به أن يحارب الإرهاب في العراق وسوريا أولاً، لأن الإرهاب أخذ مديات كبيرة جداً وأزهق أرواح مئات الآلاف من الأبرياء، كذلك قربه من المملكة نفسها"، كتب اليان.
إلا أنه استدرك بالقول إن "السعودية ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق، واندلاع الأزمة السورية عام 2011، وهي تدعم وتغذي التطرف في المنطقة، وتعلن ذلك صراحة، لهذا إن استثناء إيران والعراق من التحالف يدعو إلى الشك والريبة منه".
وأوضح الكاتب أن السعودية تشعر بعزلة دولية جراء "عقد الصفقات بين روسيا وأميركا من جهة، وبين بعض الدول الإقليمية مع هذه الدول من جهة أخرى، لحل الأزمة في سوريا"، وأن الأزمة اليمنية في طريقها للحل، وستخرج "منها السعودية من دون تحقيق أي هدف"، والأمر نفسه ينطبق على ليبيا، "لهذا تحاول السعودية لفت الأنظار لها من خلال القيام باستعراضات عسكرية وأحلاف غير ذات فائدة تذكر".
وأضاف "أن قتل الأبرياء، وارتكاب المجازر ضد المدنيين، والقيام بأعمال إرهابية طالت حتى الدول الأوروبية وأميركا الداعمة للنظام السعودي، وربط هذه المنظمات نفسها بالطائفة السنية، ووجود مناصرين لها داخل السعودية نفسها، إذ أن عدداً كبيراً من الإرهابيين والانتحاريين يحملون الجنسية السعودية، وضع السعودية في موقف صعب، وجعلها تبحث عن مخرج من هذه الأزمة، فعملت إلى عقد حلف لمحاربة الإرهاب في خطوة منها لدفع تهم دعم الإرهاب منها".
وأشار اليان أنه بعد الهجمات الإرهابية في باريس طالبت "ماري لوبان"، زعيمة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية، بإعادة النظر في التحالفات الغربية مع السعودية وقطر لأنهما ترعيان الإرهاب وتنشرانه فكراً وعقيدة، داعية إلى تحالف يضم روسيا وإيران ومصر والإمارات، لمحاربة التطرف في الشرق الأوسط".
إلا أنه وفقاً لرواية صحيفة "الاندبندنت"، فالتحالف الجديد "لا معنى له"، إذ "لم يُعقد أي مؤتمر لوضع أساس للتحالف الجديد"، و"لم يتحدث عن أي خطط أو أهداف استراتيجية". وبحسب الصحيفة البريطانية فإن عدم تحديد تعريف للإرهاب يبقي على خيار مفتوح لمواجهة المعارضين السياسيين لأكثر أعضاء الحلف استبداداً.
المعايير التي ستحكم عمل التحالف يتطرق لها المتخصص في الجماعات الإسلامية الدكتور أحمد موصللي فهي "لم تعد أخلاقية بل تتعلق بالمصلحة"، ويفسر موصللي "ما تقوم به داعش والنصرة من قتل الناس لا تعتبره إرهاباً بل فرض ما يراه التنظيمان الإرهابية أخلاقياً وفق معاييرهما. في اليمن لا تعتبر السعودية نفسها أنها تقوم بحرب غير أخلاقية بل باعمال سياسية اقتصادية حماية نفسها".
وبالعودة إلى "الفايننشال تايمز" يسخر الكاتب من الحديث عن معايير التحالف، مشيراً أنه مجرد "حركة استعراضية بائسة، تعكس استماتة محمد بن سلمان في إثبات أنه الأقدر على إرضاء الغرب في الانتصار على الإرهاب من محمد بن نايف.. وكأنّ بن سلمان يقول بهذا الإعلان لأميركا والغرب: إن كان بن نايف انتصر على الإرهاب في المملكة فأنا سأنتصر على الإرهاب في كل العالم الإسلامي"، يقول اليان.
تقارير كثيرة تناولت التحالف الجديد، والرؤية المشتركة لغالبية ما كتب أن الهدف من إعلان التحالف دعائي أكثر من كونه جدياً... السعودية التي يُذكّر الكتاب بالاتهامات التي تطالها لناحية دعم الجماعات الإرهابية مادياً أو أيديولوجياً، أعلنت عن تحالف لمواجهة الإرهاب في قائمته كلٍ من قطر وتركيا... تكفي هذه المعلومة لتوضح جدية التحالف المعلن والمعايير التي ستحكمه!
أضيف بتاريخ :2015/12/21