إقليمية

تقرير خاص - #محمد_حسنين_هيكل القلم الذي لم يعرف الهدوء

 

سيظل التاريخ يشهد للصحافي محمد حسنين هيكل مواقفه. الصحافي الذي اشتهر في مصر والعالم العربي طوال نصف قرن، عُرف بتحليلاته السياسية لمختلف الأحداث والقضايا.

من هو محمد حسنين هيكل؟

ولد محمد حسنين هيكل في عام 1923 في حي الحسين، جنوب القاهرة، لأب من جذور صعيدية وتحديداً مركز ديروط بمحافظة أسيوط حيث كان يعمل تاجراً للحبوب، وكان يرغب في أن يصبح ابنه طبيباً، لكن الأٌقدار اختارت له طريقاً آخر وهو الصحافة.

عام 1942، التحق هيكل كصحافي تحت التمرين بقسم المحليات بجريدة "الإيجيبشان جازيت"، كان عمره ١٩ عاماً،وكانت مهمته العمل في قسم الحوادث.

قدم الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل للمكتبة العربية نحو 40 كتاباً، ترجم معظمها إلى نحو 30 لغة، من أبرزها: "خريف الغضب" و"عودة آية الله" و"مدافع آية الله - قصة إيران والثورة" و"الطريق إلى رمضان" و"أوهام القوة والنصر" و"أبو الهول والقوميسير". بالإضافة إلى مجموعة "حرب الثلاثين سنة" و"المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل".

وظل هيكل حتى النفس الأخير يقدم النصائح للزعماء والقادة العرب والمصريين، وحتى وقت قريب كان هيكل يقوم بزيارات خاصة إلى الزعماء والقادة العرب يعامل فيها كالقادة والملوك.
يصفه البعض بأنه صانع الرؤساء وصديق الحكام، كان صديقاً وفياق للرئيس النصري الأسبق جمال عبدالناصر، وناصحاً لأنور السادات، واستمر في تقديم نصائحه للرؤساء المتعاقبين على حكم مصر.

مثّل هيكل وكالة أنباء متكاملة المعالم، حيث ظل متابعا حتى الرمق الأخير لكافة المستجدات. اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي في 23 سبتمبر 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين، وكتب مقالاً مثيراً تحت عنوان "استئذان في الانصراف"، إلا أن حاسته الصحافية وعشقه للكتابة طغى عليه، فعاد ليواصل الكتابة في جريدة "الأهرام" وعموده الأسبوعي "بصراحة" في أعقاب ثورة 25  يناير، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.

رأى الكاتب المصري أن العدو الأساس للأمة العربية هو "إسرائيل"، وقد صرح في أحد لمقابلات أنه تم حرف هذه الرؤية لدى الشعوب العربية بخلق أعداء وهميين بدءًا بالاتحاد السوفيتي انتقالا لدول إقليمية مثل العراق وإيران، ما وفّر أرضية لانتشار فتنة طائفية بين السنة والشيعة.

للصحافي هيكل علاقات مع دول محور المقاومة أبرزها إيران، وقد عاصر فترة حكم الشاه رضا بهلوي وفترة النظام الجمهوري الإسلامي في إيران، ووصف إيران الإسلامية بأنها "دولة مهمة جدًا في المنطقة ولها مواقف في قضايا مهمة جدًا، وبالرغم من أنني لا أقبل ولاية الفقيه، لكني لا أتصور أن أنهي علاقتي بإيران بسبب ولاية الفقيه، أو أن يكون موقفنا متضامنًا مع إسرائيل ضد إيران!".

في العام 1978 م التقى محمد حسنين هيكل لأول مرة بالإمام الخميني في باريس ولاحقاً تحدث عن هذا اللقاء، فقال: "لقد كنت أراه رجلاً وقوراً وقد أحدث ثورة من خلال "الكاسيتات" في بلاده... سألني عن علاقتي بعبد الناصر باعتباري مستشاراً له رغم كوني صديقاً لا غير، وبرهن لي... وجود رسائل بينه وبين عبد الناصر".

بعد اندلاع الأزمة السورية في "مارس 2011" انتقد هيكل مواقف خرج بها الرئيس المصري السابق محمد مرسي. وفي مقابلة له، رأى هيكل أن العلاقات مع سوريا قرار لا يملكه مرسي، معتبراً أن الأمن القومي يستند إلى الوجود في سوريا. وأضاف هيكل: "عندما يتلفظ رئيس جمهورية بلفظ النظام الرافضي، فهذه كارثة"، موضحاً أن "إيران قوة في المنطقة يجب أن يُحسب حسابها".

وعن علاقته بالمقاومة اللبنانية، تحدث "الأستاذ" - كما يحب أن يُنعت- عن الأمين العام لحزب الله فقال: "يمثل السيد الحسن نصر الله ظاهرة مقاومة في المنطقة وهو بطل عربي قومي ولن تتأثر بسقوط سوريا". واعتبر أن تدخل الحزب في سوريا هو دفاع عن النفس والوطن.

ويُذكر  لمحمد حسنين هيكل مقارنته لقاءً جمعه بالملك عبد الله بن عبد العزيز  بلقاء آخر له مع السيد حسن نصر الله حيث وقال: " اجتمعت أكثر من تسع ساعات مع السيد حسن نصر الله تناقشنا بكل القضايا الإقليمية والدولية ومرت الساعات سريعة . بينما عندما اجتمعت مع الملك عبد الله آل سعود قضيت نصف ساعة شعرتها دهراً".

ولما سُئل عن الحديث الذي دار بينه وبين الملك قال : سألني سؤال واحد ونحن على الغداء "شلون تدبر راسك مع الحريم وانت بعمر الثمانين؟" وخرجت الصحف في اليوم التالي تقول إننا استعرضنا الأوضاع الإقليمية والدولي"!

موقف هيكل المعارض لمواقف المملكة السعودية الأخيرة، تحديداً حرب اليمن عرضه لهجومات واسعة من قبل الاعلام السعودي والخليجي والكتاب المحسوبين على المملكة.

بالأمس رحل محمد حسنين هيكل، بعد عمر كامل لم يعرف فيه قلمه الهدوء، مخلفاً في الجسد الصحفي ثلمة يُصعب أن تُسد في ظل التشجنات السياسية التي تعبث بالمنطقة.

أضيف بتاريخ :2016/02/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد