تقرير-(خاص): ما هي أهم الملفات الموضوعة على طاولة القمة الخليجية؟
في مشهد تزيد من تعقيداته التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، تنطلق الأربعاء القمة الخليجية في دورتها الـ 36 لقادة مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في العاصمة السعودية الرياض، وهي القمة الخليجية الأولى التي يترأسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز منذ توليه الحكم في يناير 2015م.
ولا تنحصر أهمية القمة التي تستضيفها الرياض بمشاركة الملك السعودي فيها، بل في كثرة الملفات المطروحة على طاولة القمة في ظل الأحداث الساخنة التي تشهدها المنطقة.
في السنوات الأخيرة التي تلت أحداث ما سُمي بـ "الربيع العربي" انتقل دور المملكة السعودية، من راعٍ للتسويات في المنطقة إلى المحور الذي يقود صراعات المنطقة من البحرين إلى سوريا مروراً بالعراق واليمن ومصر وغيرهم.
والغرب الذي لا زال يصنف السعودية دولة "حليفة" باستحياء، أخذت تخرج منه الأصوات التي تصف بأنها حاضنة الفكر التكفيري الذي بات يهدد العالم.
كما أن الدور السعودي الجديد في المنطقة أبرز سطوة المملكة على وسائل الإعلام العربية التي إما أن تسير في الفلك السعودي أو أنها ستكون مهددة بقطع البث وهو ما تعرضت له قناة الميادين وقناة المنار مؤخراً.
وُحول المستنقع اليمني
في اليمن، تواجه السعودية مأزقاً حقيقياً بعد انغماسها في وحول هذا المستنقع. الاستنزاف المالي والخسائر البشرية بلغت مستوى عالٍ دفع بالحكومة السعودية إلى سحب 73 مليار دولار من احتياطها الدولي، وفق "الفايننشال تايمز البريطانية".
وبتقدير عددٍ من خبراء الاقتصاد فقد تجاوزت الكلفة العسكرية للحرب التي تقودها السعودية على اليمن أكثر من 20 مليار دولار. كلفة باهظة يقابلها عجز القوات السعودية (الجوية والبرية) في وقف تقدّم القوات اليمنية واللجان الشعبية من استيلائها على المزيد من المواقع المتنازعة عليها في جيزان السعودية.
وفي مقال بعنوان " مأزق السعودية في اليمن بعيون أمريكية" نشره موقع"الحقيقة" اليمني، ينقل عن «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» التي نشرت بتاريخ 1/10/2015 دراسة أعدّها «نيل باتريك» حملت عنوان «المغامرة السعودية في اليمن»، جاء فيها حرفياً «عدم تحديد السعودية أهدافاً واضحة في اليمن يتسبّب بتفاقم الفراغ الأمني وقد يؤدّي إلى تقويض الأمن القومي للمملكة»، ويؤكد معدّ الدراسة أنه على الرغم من المكاسب التي تحققت في عدن ومناطق جنوبية «إلا أنّ السعودية لا تزال في مأزق». وذكر أنّ "ما تنشره الصحافة الأميركية وما تعدّه مراكز الأبحاث يشكل نوعاً من أنواع التعبئة والضغط على الإدارة الأميركية، أو لتبرير تحرّك من قبل هذه الإدارة للبحث عن حلّ يخرج السعودية من مأزقها حفاظاً على المصالح الأميركية الضخمة في المملكة وفي المنطقة".
هذه المعطيات تدفع للحسم بأن الملف اليمني تصدر اهتمامات القمة الخليجية، وهو ما قالت به وسائل الاعلام السعودية والعربية.
الأزمة السورية
ملف آخر لا يقل أهمية عن اليمن، هو ملف الأزمة السورية التي راح خلالها أكثر من 300 ألف سوري راحوا ضحية الحرب في سورية، وشردت أكثر من 5 ملايين سوري إلى دول الجوار.
تصر السعودية على ربط حل هذه الأزمة بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يواجه الحرب ضده من قصر الرئاسي متسلحاً بنتائج الانتخابات الأخيرة (عام ٢٠١٤) والتي ثبتته رئيسياً للبلاد.وهو موقف أخذ يتمايز عنه الغرب، خصوصاً بعد تصاعد موجة الإرهاب عالمياً. وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس" عبر عن موقف بلاده بالقول إن "الوصول إلى سورية موحدة يتطلب انتقالا سياسيا لا يجب أن يعني رحيل الرئيس الأسد"، وهو موقف انسجم مع تصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري، الذي تحدث فيه "عن إمكانية التعاون مع الجيش السوري لمحاربة داعش".
الانخراط السعودي المباشر في تأجيج الأزمة من خلال دعم المجموعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري، والكلف الباهظة التي أنفقتها المملكة على المجموعات المسلحة تريد المملكة أن تقطف ثماره من خلال تمسكها برحيل الرئيس السوري.
إيران
على طاولة القمة الخليجية، يُطرح ملف آخر بالغ الحساسية بالنسبة للسعودية... أنه الملف الإيراني الذي يرى فيه مسؤولو المملكة خطراً يفوق الخطر الذي يمثله الاحتلال الإسرائيلي.
الأزمات الخليجية... ملفات القمة غير المعلنة
إضافة إلى هذه الملفات، فقد علمت "خبير" أن هناك ملفات غير معلنة متعلقة بالأزمات الخليجية، وقد طرحت على طاولة "القمة الخليجية" منها: المواقف العمانية تجاه أزمات المنطقة، وعلاقات عدد من دول الخليج (الكويت وعمان..) بسورية والتأييد الإماراتي للضربات الروسية... إضافة إلى الخلافات الإماراتية القطرية حول التعاطي مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر واليمن.
ويشير "مركز الجزيرة للدراسات" في مقال بعنوان "الخلافات الخليجية-الخليجية: الأسباب، القضايا وآليات الحل" إلى أن هذه الخلافات ليست بظاهرة جديدة، وأن هذه الخلافات تبقى سرية إلا أن بعضها يظهر للعلن بين الحين والأخر.
ويتعلَّق بعضها بخلافات حدودية وتنافس ما بين العوائل الحاكمة، واختلافات الدول في رسم سياساتها الخارجية، إضافة إلى أن بعض الخلافات أدَّت إلى أزمات سياسية في العلاقات البينية، حتى تطوَّرت أحيانًا إلى سحب السفراء؛ كما حدث عندما سحبت المملكة العربية السعودية سفيرها من الدوحة في عام 2002.
وشهد الخامس من مارس 2014 لحظة فريدة في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي؛ وذلك عندما سحب ثلاثة أعضاء بمجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين) سفراءهم من دولة قطر.
وفي سبتمبر الماضي، عصفت أزمة دبلوماسية تصاعدت انعكاساتها على العلاقات السعودية العُمانية، بعدما أقدم طيران التحالف - غير مؤيد من عمان- الذي تقوده الرياض على استهداف منزل سفير سلطنة عُمان لدى اليمن “بدر بن محمد المنذري” مما أدى لوقوع أضرار جسيمة وتدمير المبنى السكني. فوضفت وزارة خارجية عُمان استهداف منزل سفيرها في صنعاء بالمخالفة الصريحة للمواثيق والأعراف الدولية، ما دفع ابلرياض إلى المسارعة في نفي استهدافها لمنزل السفير الدبلوماسي العماني.
لطالما تغنت السعودية بوحدة دول مجلس التعاون الخليجي، رغم الخلافات التي كانت تدار من تحت الطاولة... ملفات المنطقة المشتعلة أخرجت هذه الخلافات إلى العلن ما يحتم مناقشتها بشكل جدي وإلا فإن تأثيراتها لن ترضي أحداً.
أضيف بتاريخ :2015/12/10