تقرير خاص - الرياض تجمع ’المعارضات’ السورية: تحضير للتسوية.. أو لمواصلة القتال
أراد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عقب خروجه من مؤتمر "المعارضة السورية" في الرياض أن يحفظ تشدده الذي لم يتزحزح عنه تجاه الرئيس السوري بشار الأسد، عندما حصر الخيارات أمام الأخير باثنين : الرحيل بالمفاوضات أو بالقتال. وهو موقفٌ لا يتطابق ومضمون "إعلان الرياض" الذي تحدث عن حل سياسي في سوريا وفق مبادئ جنيف الأول، مشدداً على "ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة".
يمكن تفسير موقف الجبير بأنه تغطية على التراجع في موقف المملكة المعهود فيما يتعلق بالأزمة السورية. ما ورد في البيان بشأن الحل في سوريا ليس تغييراً في الموقف من الأسد، هذا ما سعى الجبير إلى قوله، وبوضح صرح أن المؤتمر ضروري لتؤدي المعارضة "دوراً أكثر فاعلية في المحادثات".
وفي المؤتمر الذي استضافته الرياض، جمعت السعودية عدداً من فصائل "المعارضات" السورية تحت عنوان توحيد هذه الفصائل، وهي مهمة لطالما عجز عن تنفيذها كل من قطر وتركيا وحتى السعودية على مدار السنوات الأربع الماضية. وهي مهمة اذا ما فشلت فستنعكس على الدور الاقليمي للسعودية، التي تعيش خيبات في أكثر من ملف اقليمي. تحاول المملكة في إطار هذه المساعي تهدف السعودية إلى جمع فصائل في "المعارضات" السورية، لتكوين ثقل وازن مقابل الوفد الرسمي السوري الذي سيشارك في مؤتمر فيينا الأخير الذي جرى التوافق فيه على بدء عملية سياسية في سوريا في شهر "يناير 2015م"، وكذلك الاجتماعات المقبلة التي تنتظر توافق واشنطن وموسكو وحلفائهما على البت بمصيرها.
في مؤتمر الرياض حضرت حركة "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" المرتبطَين بتنظيم "القاعدة" الإرهابي، وتم استثناء الأكراد الممثلين بـ"وحدات الحماية الشعبية" التي لم تظهر بصورة الخصم للنظام السوري. يوضح تقرير نشرته "الجزيرة نت" الخلفيات التي تم على أساسها تحديد المشاركين، تحت عنوان "تحديات مؤتمر السعودية لتوحيد المعارضة السورية"، نقلت القناة القطرية عن مصدر دبلوماسي سعودي أن المملكة "لن تسمح بحضور أي شخصية أو جسم سياسي يكون سقفه أقل من سقف مطالبها، خصوصا في ما يتعلق بمصير الأسد".
وللمفارقة فإن الرياض لا تقبل ببقاء الأسد، لكنها في الوقت نفسه "تتكيف" مع وقائع الميدان السوري وضغوط الحلفاء، فتبقي على المناورة ضد الأسد قائمة. هنا يقول المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي، المقرب من دوائر القرار السعودي، لوكالة "فرانس برس"، إن الرياض تريد الوصول إلى "معارضة سورية موحدة، والحؤول دون ادعاء الروس وغيرهم ألا وجود" لمعارضة كهذه. فبرأيه، تحقيق ذلك "سيسهل عملية التخلص من الأسد".
ويستمر الميزان في الميدان السوري في الميل لمصلحة النظام، وهو ما ليس غائباً عن حسابات الرياض، مع تقدم للقوات السورية وحلفائه في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش". وفي السياسة، فإن مواقف واشنطن وفرنسا لم تعد تهجس برحيل الأسد عن السلطة، وهو ما بدأ يجد ترجمته في التحضير للمؤتمرات غير محددة المكان والزمان بعد. كما أن الدخول الروسي إلى سوريا أثر بوضوح في الحرب على الإرهاب وألحق أضرارً كبيرة ببنية "داعش"، وهو ما أضعف خصماً لسورية يستفيد من وجوده كل مناوئيه.
ويبدو أن الرياض تعمل على خطين: الأول هو توحيد ما أمكنها من "المعارضات" المشتتة، فإذا فرضت التسوية نفسها في سوريا فستجد من تفاوض به الأسد في ظل احتمال وجود مرحلة جديدة انتقالية أو أن الأمور لن تصل إلى الحل، وعندئذٍ تُواصِل الحرب بالوكالة.
أضيف بتاريخ :2015/12/11