تقرير-(خاص): براءة الخارجية من ’محللي الفضائيات’.. بداية لنهاية خطاب سياسي أم شيء آخر؟
في بيانها الأخير، أعلنت وزارة الخارجية السعودية البراءة من آراء ثلاثة يُصنفون من رجالها،"جمال خاشقجي، نواف عبيد، أنور عشقي"، قائلة إن آراءهم تعبر عن وجهات نظهرهم الشخصية، لا وجهة نظر الحكومة.
للتحليل والخطاب السياسي أهمية على مستوى تفكيك المشهد السياسي وفهم المواقف السياسية وأبعادها.
يُصنف التحليل السياسي على أنه شكل من أشكال العمل السياسي، والحكومات الناضجة تعتمد على ما يرد من تحليلات في اتخاذ قراراتها السياسية فيما يتعلق بالشأن الداخلي أو الخارجي للدولة، ويتم التحليل السياسي وفق معايير وقواعد وأسس محددة.
وتوظف السلطة الخطاب السياسي الإعلامي لتهيئة للجمهور المتلقي لصدور قرارات أو اتخاذ مواقف معينة. من هنا يبرز دور الخطاب السياسي في الإعلام المحلي والعالمي عند شرائح عديدة من الناس.
وبالنظر إلى أهمية كلٍ من التحليل أو الخطاب السياسي، ما الذي دفع بالمملكة إلى إعلان براءتها من رجال عُرفوا بقربهم من دائرة القرار في السعودية... إلامَ ترمي هذه الخطوة؟ وهل هي نهاية الخطاب السياسي في المملكة؟
يعلق المحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي، في تصريحات لـ"شؤون خليجية" على بيان الخارجية السعودية بالقول : "رغم أن بيان الخارجية السعودية لم يوضح السياق السياسي الذي دفع لإصدار هذا التوضيح، إلا أن الأمر قد يتعلق بقواعد علاقات الدبلوماسية السعودية".
ويقول العقيلي: "الزملاء المحللون لم يزعموا أنهم يمثلون أراء الحكومة أبدًا، والذين عسفوا أراءهم واعتبروها (مقربة للحكومة) وسائل الإعلام الخارجية، وأقصى ما فعله البعض منهم أن قال (معلوماتي تفيد) أو (مصادر مطلعة تقول)، وهي صيغة فضفاضة وجائزة وسارية مع المحللين الدوليين لا تلزم الحكومات، ولكنها تعطي قيمة سياسية مضافة للتحليل".
ويشير إلى أن لكل محلل مصادره، والمحلل الناجح هو الذي يأتي بمعلومات جديدة، سواء من مصادره أو استنتاجات منهجه التحليلي، مؤكدًا أن مكانة هؤلاء المحللين في السعودية معروفة، وقربهم من بعض الشخصيات العامة معروف أيضًا، لكن هذا لا يبرر اعتماد آرائهم باعتبارها معبرة عن أراء الحكومة وسياساتها.
لا يرى "العقيلي" في بيان الخارجية استهداف للمحللين السعوديين، لإضعاف موقفهم السياسي أو قيمتهم الفكرية، بل يقرأ في مضمونه رسالة سياسية للخارج ممن قد يعتمدون وجهات نظر المحللين السعوديين للحكم من خلالها على السياسة السعودية، أو استرضاءّ لحكومات شكت المحللين السعوديين بعد إفسادهم "العلاقات الثنائية"، وفق اعتبارتها.
يتوقع "العقيلي" أن تكون الشكوى العربية طالت "خاشقجي" و"عبيد" تحديداً بصفتهما معبران ضمنياً، أو بطريقة غير مباشرة، عن التوجه الحكومي. ويضيف أن عشقي أحرج السلطة بما يعلنه من مواقف "تجاه الإسرائيليين".
ويرجح العقيلي أن إشارة البيان بالاسم إلى الثلاثة بالذات جاء استجابة لرغبة الحليف العربي، وهو أمر يمكن تفهمه إن كان له ما يقابله في الجهة الأخرى، خاصة أن الإعلاميين (والمحللين) المقربين للحكومة الحليفة لا يوفرون السعودية في انتقاداتهم، وجرت عادة هذا الحليف أن يتبرأ من آرائهم دون بيان سياسي".
ويشير المحلل السعودي بالقول إلى أن "الأمر قد يحتاج إلى التبرؤ من معلوماتهم أحيانًا عندما تؤثر في علاقات الدولة مع الخارج، وهذا ما تفعله القوى الكبرى الدولية والإقليمية الفاعلة، للحكومات ضروراتها وللمثقفين أدوارهم" .
الخطاب السياسي هو المرآة التي تعكس المواقف السياسية لأي جهة حزبية كانت أم رسمية، يبدو أن المرآة السعودية باتت تشكل حرجاً لأصحاب القرار في المملكة لا سيما فيما يعلن من مواقف تجاه أنظمة عربية او فيما يُشهر من ود تجاه العدو الإسرائيلي، وهو ما لا يمكن أن يتفهمه الجمهور العربي والإسلامي.
أضيف بتاريخ :2015/12/24