الشيخ النمر في وثائق ’ويكيليكس’: مع الشعب ولن أساند الحكومة
يرد في البرقية الصادرة عن السفارة الأمريكية في الرياض تحت رمز (C-CT7-00989) والمؤرخة في "23 أغسطس 2008" محضر لقاء جمع الشهيد الشيخ نمر باقر النمر مع شخص اكتفت البرقيّة بوضع اسمه الأوّل "بولوف" في منطقة القطيف، شرقيّ السعودية.
تشير البرقية في البداية إلى أن الشيخ نمر باقر النمر الذي وصفته بـ"المثير للجدل" قال في لقائه مع بولوف إنه "في حال اندلاع أي صراع، سيقف إلى جانب الشّعب" و"لن يساند أبدًا الحكومة"، مشيرًا إلى أن وقوفه إلى جانب الشّعب "لا يعني بالضّرورة أنّه يساند دائمًا كل أفعال الأشخاص، ذاكرًا العنف على سبيل المثال". الشّيخ النّمر وأمريكا وإيران
وذكرت البرقية أن "أغلب الانتباه الموجه مؤخرًا إلى الشّيخ النّمر كان على خلفية تعليقاته في خطبه وعلى مقابلته مع موقع إسلام أونلاين، حيث يُنظر إليه على أنه يناصر إيران ويدافع عن تطلعات إيران النّووية ويهنئ الحكومة والشّعب الإيرانيين على تقواهم".وأفادت أنه حاول، في رسالة بتاريخ 26 يوليو تبعت المقابلة التي أجريت معه، النّأي بنفسه عن إيران والقول إن التّقوى هي أمر يتعلق بالله، وإن كل الشّعوب تتصرف وفقًا لمصالحها الخاصة. وقال الشيخ النمر إنه ضد الفكرة السائدة بأن السّعوديين الشّيعة يجب أن يتوقعوا الدّعم الإيراني على أساس الوحدة الطّائفية التي تسود في السياسة الوطنية.
الشيخ النمر والحكومة السعودية
وقالت الوثيقة، إنّه لم يتورع النمر عن انتقاد الحكومة السّعودية وأفعالها. ومن بين الرّسائل المتجاوزة التي وجهها الشّيخ النمر في هذا اللقاء، كان رأيه بأن مؤسسات الحكومة رجعية. وذكرت على سبيل المثال "تصريح النّمر بأن الدول في أوروبا الشّرقية اكتسبت استقلالها من خلال حراكها والفشل السوفياتي، وليس من خلال أي مخطط من قبل الروس لتقديم حرية أكبر".
وأشارت الوثيقة إلى أن "هذا الاعتقاد الأساسي يؤثر على تفكيره بشكل عام وأنه انطلاقًا منه يدافع من خلال الكلمة. ولفتت إلى أنه يعتقد "أن الحكومة السعودية رجعية بشكل خاص ولطالما كانت كذلك على مدى تاريخها" مضيفة أنه "صرح أنه سواء كان الأمر يتعلق بالاستيلاء على المسجد الحرام أو الثورة الإيرانية وانتفاضة الشّيعة في المنطقة الشّرقية في العام 1979، وواقع الضّغط الخارجي بعد 11 سبتمبر 2011 والذّعر الدّاخلي بعد الهجمات في السّعودية في العامين 2003 و2004، أو ظهور القنوات الفضائية والإنترنت، فإن الحكومة السّعودية لم تُدخِل أبدًا أي تغيير بل كانت بخلاف ذلك، مجبرة دائمًا عليه".
اعتقال وضرب وسوء معاملة في 2006 وذكرت الوثيقة الأمثلة المتعددة التي أشار إليها الشّيخ النمر ومنها " أن التّراخي المتزايد في منع دخول المواد الدينية إلى المملكة يعود إلى التكنولوجيا الحالية التي تجعل من المستحيل وقف الوصول إلى المعلومات الدّينية؛ والحريات الطفيفة التي حصل عليها مؤخرًا شيعة القطيف -على سبيل المثال قدرة أكبر على إحياء مراسم عاشوراء- هما نتيجة لبناء التّوترات العائد إلى انتشار التشيع في كل من العراق وإيران؛ والمجالس البلدية هي رد على حديث أمريكا عن دعم الديمقراطية والحرية على حساب الاستقرار في الشّرق الأوسط. وذكر النمر أيضًا قصة شخصية جدًا، إذ قال إنه "عند اعتقاله في العام 2006 على يد المباحث السّعودية، تم ضربه من قبل السّلطات وعومل بشكل سيء جدًا، ولم يتلق أهل العوامية، ردًا على طلبهم الرأفة به في الرّسائل والمناشدات الرسمية التي بعثوها إلى المحافظ. وأضاف أنه فقط عندما بدأ المواطنون بدفع المجتمع إلى التظاهر وموقف "اللا خوف" تجاه الحكومة، أوقفت السلطات انتهاكاتها وتم الإفراج عنه في نهاية المطاف. الحوار بين الأديان مجرد حملة علاقات عامة للسعودية أمام العالم
وأضافت الوثيقة أنه "في ما يتعلق بسياسات خاصة للحكومة السعودية، فإن الشيخ النّمر يعتقد أن مبادرة الحوار بين الأديان هي خدعة، وتمرين علاقات عامة للجمهور الخارجي للمملكة. وذكر دليلًا على ذلك حملة القمع ضد شيعة المنطقة الشرقية الذي رافق المستوى الرفيع من الحوار. وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد الشّيخ النمر أن البيان المناهض للشيعة في أوائل يونيو والذي أصدره 22 شيخًا سلفيًا صدر بموافقة مسؤولين حكوميين في السعودية".
تصرفات الحكومة السعودية تكذب مزاعم اعتدالها
لفتت الوثيقة إلى أنه وفقًا لرأي الشّيخ، فإن "عددًا من هؤلاء الشيوخ الـ 22 مقربون جدًا من الحكومة بحيث لم يكن ممكنًا صدور البيان من دون معرفتها أو موافقتها. وعند سؤاله من قبل بولوف إن كان يعتقد أن بعض أعضاء الأسرة الحاكمة ملتزمون فعليًا بالمزيد من التسامح، أجاب الشّيخ النّمر أنه لا يميز بين مختلف أفراد أسرة آل سعود، ولكنه يحكم فقط على الحكومة من خلال أفعالها داخل المملكة، وهو يشعر أنها تكذب أي علامة على الاعتدال أو الانفتاح".
وأضافت الوثيقة أن الشّيخ النمر على الرّغم من ذلك، "ذكر أنه لديه قدر ضئيل من الأمل بأن الأجيال الأصغر سنًا، بمواصلتها الدّراسة في الخارج بأعداد كبيرة، واحتكاكها بمجتمعات أكثر تسامحًا، ستعود بمواقف أكثر تسامحًا إلى المملكة".
وقالت الوثيقة إنه "في حين كان الشّيخ النمر داعمًا لفكرة الانتخابات كتطور إيجابي في المملكة، فقد وصف المجالس البلدية بالمؤسسات غير السياسية والفاقدة للفعالية، في إطار بعض الوظائف الأساسية، غير أنها لا تمتلك القدرة على ممارسة نفوذها حتى على تلك القضايا. وذكر حادثًا مفاده أن "الدرعية، وهي الموطن الأم لآل سعود، تتلقى ميزانية ضخمة لمجلسها البلدي، تفوق تلك التي تتلقاها القطيف، على الرغم من أن عدد سكان القطيف يبلغ سبعة أضعاف عدد سكان الدرعية، كدليل على أن إدارة البلديات هي ببساطة مجال آخر تبرز فيه السياسة التمييزية للنظام".
تعليق السفارة الأمريكية: تعليقات النمر تتوافق مع خطبه وكلامه يعكس إيمانًا صادقًا
وفي الخاتمة التي تضمنت تحليلًا للّقاء، لوحظ أن التعليقات الخاصة للشّيخ النمر تتوافق مع تصريحاته العلنية السابقة، في ما يتعلق برأيه بالحكومة السّعودية، مع الإشارة إلى أنه بدا أن العاطفة واليقين اللذين يتكلم بهما يعكسان إيمانًا صادقًا، وليس حسابات أو تلاعبات سياسية باردة.
وكانت البرقية قد أرسلت من قبل السفارة الأمريكية في الرّياض إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية ووكالة استخبارات الدفاع ووزارة الخارجية وكذلك إلى مؤسسات أمريكية أخرى تعنى بشؤون إيران والدول الخليجية العربية والدول الإسلامية.
أضيف بتاريخ :2016/01/07