محلية

تقرير خاص - الشهيد #محمد_الصويمل : بُشرى الشهادة

 

"أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً، وقد مات عطشانا بشط فرات، إذا للطمت الخد فاطم عنده، وأجريت دمع العين في الوجنات... كان صوتاً شجياً يردد هذه الأبيات، وبينما كنتُ في حالة بكاء شديد، رأيت الإمام الحسين "ع" مقبلاً نحوي، كسر القيود التي تكبل يدي.. وقال: بَشِّرِ الصَّابِرِينَ". في آخر زيارة للعائلة قصّ الشهيد محمد الصويمل رؤياه على أهله. تقول شقيقته "غدير": فرحنا كثيراً عندما سمعنا بذلك، وفسرناها بأنها قرب الفرج، ومؤشر على أنه سوف يخرج من السجن".

 

الشهيد "محمد الصويمل" من مواليد  1412 هـ (1991 م). يصفه من يعرفه بأنه صاحب ابتسامة دائمة،حنون ورقيق القلب. ودود في تعاطيه مع الصغير والكبير خلق مميز مع الصغار والكبار بالخصوص والديه.

قبل أحداث العوامية بستة أشهر، تحديداً في 5 أبريل 2011م، تم اعتقال "الصويمل" بعملية "دهس متعمدة من قبل قوات الأمن" على خلفية مشاركته في التظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح، ليُتهم لاحقاً بإطلاق النار على دوريات الأمن.

لم تكن الرواية الرسمية مقنعة، فالحراك في المنطقة الشرقية كان يتمظهر في مسيرات سلمية، إلا أن أحداث العوامية، التي استخدم فيها السلاح من قبل مجهولين، بدأت في الثالث من أكتوبر العام 2011م، وفق إعلان وسائل الإعلام الرسمية. قبلها كان الشهيد "الصويمل" معتقلاً بتهمة لم تُرتكب بعد!

الاعتقال: انفرادي وصعق بالكهرباء

 

في مقابلة خاصة مع "صحيفة خبير"، تستذكر "غدير  الصويمل" معاناة أخيها... تتحدث عن تغييبه لمدة شهر ونصف بعد اعتقاله. "لم نكن نعلم عنه شيئاً، وبعدها علمنا أنه نُقل إلى سجن بلدة العوامية، قضى هناك مدة أربعة أشهر. ثم أودع في زنزانة انفرادية في سجن المباحث بالدمام لمدة سنة وشهر. وأخيراً تم نقله إلى سجن الحائر بالرياض ومنع عنه الاتصال بالعائلة لمدة شهر".

"أول زيارة لنا إليه لم تتجاوز مدة عشر دقائق. كان محمد يبكي من الألم .آثار التعذيب ظاهرة على جسده. الكسر في يده جراء عملية الدهس لم يكن قد عولج أيضاً"، تقول "غدير".

وتنقل عن أخيها ما تعرض له في ليلة الاعتقال الأولى بسجن المباحث العام في الدمام. "استقبله ما يقارب 20  ملثماً. اعتدوا عليه بالضرب حتى فقد الوعي".

 

وعند منتصف الليل كان يُجر "محمد" إلى التعذيب. تعرض إلى التعذيب بالصعق الكهربائي في مناطق حساسة في جسده، وضُرب وهو معصوب العينين، وكان يطاله الشتم الطائفي.

 

ثلاث سنوات ونصف قضاها "محمد الصويمل" بدون محاكمة، تحت وطأة التعذيب النفسي والجسدي. في إحدى اتصالاته طلب الشهيد من أهله أن يرفعوا خطاباً للمطالبة بإرساله للمستشفى "من شدة ما يعانيه من ألم. لكن ذلك لم يحدث"، تقول "غدير".

 

رأيت دموعه قبل وجهه

 

تم توكيل محامٍ لمتابعة القضية بعد نقل "الصويمل" إلى مباحث الدمام، استلم المحامي مبلغ ١٠٠ ألف ريال (أكثر من 26600 دولار) ولم يهتم بالقضية. فأُسندت القضية إلى محامٍ آخر لمتابعة جلسات المرافعة.

 

"بدون أدلة وبلا شهود. صدر حكم الإعدام حرابة بحق محمد صويمل. فور إعلان الحكم، سأل المدعي العام الشهيد: هل عندك اعتراض؟! سكت "محمد" وابتسم. لم يتحمل أخي الكبير ذلك قدم طعناً بالحكم، ليأتي الحكم بعد الاستئناف: الإعدام تعزيراً"، تقول.

 

"الزيارة الأولى بعد إصدار الحكم، زيارة مختلفة عن سابقيها… رأيتُ فيها دموع أخي قبل رؤيتي وجهه! يُتمتم بصوتٍ مكسور: لا تهمني نفسي، كل ما أفكر به هو أنتم!"... تعلق "غدير" بحسرة: "لا أحد يعلم حجم الإنكسار في صوتٍ يترقب الموت، بلا جُرم!"

 

تتحدث الشقيقة عن مساعي الوالدة وأختها الكبرى للتواصل مع الجهات الرسمية أملاً في أن تُحل قضية "محمد"..." ذهبوا إلى الديون الملكي في الرياض وقصدوا وزارة الداخلية، ثم توجهوا إلى قصر الملك لمقابلته ولكن الحرس منعوهم بحجة أن الملك لا يقابل حريم! لم يُكتفى بذلك، رفعت العائلة برقيتين مستعجلتين إلى الملك ولكن دون جدوى!"

الزيارة الأخيرة التي جمعت "محمد الصويمل" بذويه كانت  في 18 محرم الماضي (1/11/2015م) في سجن الحائر بالرياض. لا ينسى أهل الشهيد تلك اللحظات، "كان سعيداً لا يخفي فرحته. عيناه ترقبنا جميعاً، والابتسامة لا تفارقه. طمان ذويه يومها: "أنا لست خائفاً على نفسي . لست أفضل من أهل البيت"ع"، لكنني أخاف عليكم".

 

وآخر اتصال تلقته العائلة من ابنها كان يوم الثلاثاء 29 ديسمبر الماضي، قبل أيام من تنفيذ الجريمة. خمس دقائق استغرقت مدة الاتصال الأخير، نقل "محمد" لأهله أن الضابط أخبره بأن اتصالاته بدءاً من الأسبوع القادم "ستكون مدتها 10 دقائق".

 

فاجعة الإعدام

 

لو سُئلت عائلة "الصويمل" عما تنتظره عشية إعلان تنفيذ جريمة الإعدامات، لما كانت الإجابة إلا زيارة "محمد". لم تكن العائلة لتتوقع كيف سيكون عليه حالها صبيحة الثاني من يناير الجاري.

 

في حديثتها لـ "خبير"، تقول "غدير الصويمل": "لم يتم إبلاغنا عن تنفيذ الإعدام. لم نكن نتوقع ذلك، كنا بانتظار الزيارة القادمة في هذا الشهر".

تتحدث عن والدتها فور سماعها الخبر المفجع: "طلبت منا جميعاً السجود لله/ وأن نقول الحمدلله في حال رجوع محمد أو استشهاده… و إلى الآن لم يأتنا أي خبر عن استلام جثمانه الطاهر. ولا نعلم أين دفن."

 

تستعيد الشقيقة المفجوعة كلام أخيها ووصاياه المتكررة بأن ينتبهوا لأنفسهم. في كل محادثة، كان يسأل والدته عن الجديد، فتجيبه: "جديدك عند الله"، فيرد: "الحمدلله". تصفه شقيقته: "لم يكن خائفاً من شيء، بل كان مهيئاً نفسه للشهادة. في آخر مكالمة قال لي: أريدك أن ترفعي رأسي بشهادة الدكتوراه". اليوم تجيب "غدير" أخاها: أنت من رفعت رأسنا يا أخي بشهادتك.

أضيف بتاريخ :2016/01/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

ورودجمان / صبرا جميل ال صويمل / 20-01-2016 | 15:10
عظم الله اجوركم ومسح الله على قلوبكم بالصبر والسلوان ..لا أرى في اختي أم حسين إلا الصبر والتجلد على ما أصابها .. فهي مثال قول عقيلة الطالبيين ما رئيت إلا جميل..عشت معها أحد عشريوما ...كانت صابره محاسبه ...ويوم صدور الحكم .. اهتزت كاللبوه الجريحه...خرجت عن سمطها..واتجهت نحو جبل الصبر زينب عليها السلام ..طلبت منها الفرج القريب ..نعم فجعنا والمنا فقد ك يامحمد فقد أحببتك من حديث والدتك ..اللهم احشره مع محمدوال محمد ..أم جعفر