تقرير خاص - لجان الحماية الأهلية تتصدى للارهاب في #الاحساء
عندما تتقاعس السلطات عن واجباتها، لن يجد المواطنون إلا أن يواجهوا الموت بصدور عارية إلا من إرادة الحياة… هكذا تلخصَ مشهد الأحساء اليوم، معيداً إلى الذاكرة بطولات "حماة الصلاة" في التفجير الذي هز مسجد الإمام الحسين في الدمام في أواخر مايو الماضي.
مرة جديدة، نجحت اللجان الأهلية في إحباط الهجوم الإرهابي الذي استهدف المصلين في مسجد الأمام الرضا "ع" بحي محاسن أرامكو بمحافظة الأحساء- شرق المملكة، الذي يقطنه غالبية شيعية.
لم يحل التواجد الأمني في محيط مسجد الإمام الرضا (ع) من منع وقوع التفجير. ثلاثة ارهابيين أطلقوا النار على شباب اللجان الأهلية ودوريات الشرطة المتواجدة خارج المسجد. قبل أن يتوجه عدد من شباب اللجان لإحكام إغلاق بوابة المدخل.
وصل الإرهابيون الثلاثة إلى بوابة المكان، الذي يضم مسجداً وحسينية. وفجر أحدهم نفسه أمام البوابة بغية أن يفتح الطريق للآخرين. إلا أن التفجير لم يوقع ضحايا، وفق ما يروي أحد كوادر اللجان الأهلية في حي.
"بعد تفجير البوابة انقطعت الكهرباء. توجه الإرهابيون ناحية الحسينية أطلقوا النار ولكن وجدوها خالية. ثم عادوا إلى المسجد وأطلقوا النار على بوابته التي أغلقها المصلون… كل ذلك كان يجري ولم نرَ أي تحرك من قوات الأمن!"
دخل أحد الإرهابيين وسط المسجد موجهاً رصاص رشاشه باتجاه المصلين. انقض أحد المصلين على الإرهابي، منتزعاً رشاشه ليهب عليه بقية المصلين، قيدوه ونزعوا حزامه الناسف… أما الإرهابي الثالث كان قد فر.
"سلمنا الارهابي إلى قوات الأمن التي كانت منتشرة في الخارج تطلق رصاصها بالهواء، وكنا ننقل المصابين بسياراتنا الخاصة، لأن سيارات الاسعاف لم تحضر الا متأخرة"، يروي المصدر لـ "خبير".
اللجان الأهلية
تعود تجربة اللجان الأهلية إلى العام 2005، مع أجواء الشحن الطائفي. كان العمليات الانتحارية تمارس تصفيات بحق المدنيين في العراق، في وقت كان المشهد السياسي في ذلك البلد يتسم بالفوضى. هذه الأحداث رافقتها تهديدات طالت الشيعة في كل مكان، على خلفيات التحريض الاعلامي على خلفية ما تشهده الساحة العراقية. يومها أطلقت السلطة السعودية حملة "التضامن الوطني ضد الإرهاب"، لعلمها بأن الأرضية التي تقف عليها مشبعة بالخطاب الطائفي.
في ذلك الوقت، استشعر أهالي القطيف الخطر ورأوا أنفسهم المستهدف الأول من موجة الإرهاب التكفيري. وعلى إثرها انطلقت مبادرات أهلية، ونشط بعض الشبان في مجموعات غير مترابطة، عملوا على تأمين وحراسة المساجد والحسينيات بالتعاون مع الدولة.
منذ ذلك العام، وفي ذكرى "عاشوراء" تحديدا كان عمل هذه اللجان فاعلاً. حيث اتخذت إجراءات احترازية في القطيف و ساحة "القلعة" وسط المدينة، أسهمت في تأمين المواكب والمسيرات التي تخرج لإحياء هذه الشعائر."رفعت للمرة الأولى شعار "كلا كلا للإرهاب". لم تمر تلك الأيام بهدوء تام، فقد سجلت حادثة اختطاف أحد رجال الدين من أبناء المنطقة وهو المرحوم الشيخ إبراهيم الغراش، قبل أن يُعثَر عليه مرمياً في الصحراء، ووجهت أصابع الاتهام حينها إلى مجموعة وهّابية متشددة.
وفي العام الماضي مجددا، تشكلت اللجان الأهلية في المنطقة الشرقية بدعوة من النخب الدينية والثقافية والاجتماعية بعد تفجير الإرهابي الذي طال مسجد الإمام علي "ع" في بلدة القديح في بداية شهر شعبان وراح ضحيته 23 شهيداً من بينهم أطفال. الهدف كان واضحاً: حماية المواطنين في صلاة الجمع والمناسبات الدينية والثقافية الكبرى. وأثبتت هذه اللجان جدارتها وتفانيها بالتعاون مع الجهات الأمنية، إلا أنه فيما بعد تعرض بعض شباب المتطوعين في الحماية للاستهداف الأمني بذريعة القيام بدور الجهات الأمنية!
بعد أسبوع على تفجير القديح، حاول انتحاري متنكراً بزي نسائي تفجير نفسه في مسجد الإمام الحسين "ع" في حي العنود بالدمام، إلا أن اللجان الأهلية سجلت إنجازاً نوعياً بمنعه دخول الانتحاري للمسجد. فجر الارهابي نفسه بشباب لحماية وسقط على إثرها أربعة شهداء عرفوا فيما بعد بـ "حماة الصلاة".
وبعدها بشهر، بالتحديد في شهر رمضان في ذكرى إحياء شهادة الإمام علي "ع" قدمت اللجان الأهلية مثالا أخر في التضحية والفداء، حيث سقط الشهيد حسين الصايغ 39 عاما بعد تعرضه لطلق نار وهو يقوم بحمايته للمواطنين.
وكادت ذكرى عاشوراء هذا العام، تُفتتح بعملٍ إرهابيّ واسع تم التخطيط له لاستهداف الحسينية الحيدرية بسيهات، إلا أن تدخُّل اللجان الأهلية والأهالي حالَ دون تقدّم الإرهابي الذي أطلقَ النار وأسقط 5 شهداء، بينهم امرأة، هي بثينة العباد التي أضحت الشهيدة الأولى في القطيف التي تذهب ضحيةً للإرهاب التكفيري.
اليوم، حال تواجد شباب اللجان الأهلية دون وقوع كارثة، ارتكبت فصولها الأولى أمام أعين قوات الأمنية، وصاغت نهايتها بطولة "حماة صلاة" جدد.
أضيف بتاريخ :2016/01/30