من هنا وهناك

لماذا فشلت نظارات جوجل؟

في عام 2013، فجّرت شركة "جوجل" مفاجأة تكنولوجية بإطلاق نظارات ذكية ثورية تحت اسم Google Glass، كانت تُروج لها على أنها مستقبل الاتصال، والمساعد الرقمي الذي سيتجاوز الهاتف والكمبيوتر. لكن بعد شهور قليلة، بدأت الأحلام تتلاشى، وتحولت النظارات من "صرعة مبتكرة" إلى "كابوس اجتماعي" يُحظر دخول مرتديها إلى المقاهي وصالات السينما. فما الذي جرى؟ ولماذا فشل هذا المشروع الذي جمع بين التقنية والخيال؟

 
أولاً: عندما تسبق التكنولوجيا الحاجة

فشلت نظارات جوجل لأنها طُرحت دون وجود حاجة فعلية واضحة. لم يكن الجمهور مستعدًا لنظارات تعرض إشعارات أمام عينه مباشرة. لم تكن هناك "مشكلة" تحتاج هذا الحل. والأسوأ أن التجربة لم تضف ما لم يكن ممكنًا عبر الهاتف الذكي.


 ثانيًا: الخصوصية... الضحية الأولى

أكبر عائق واجه Google Glass كان القلق الاجتماعي. وجود كاميرا في النظارة دون أي إشعار واضح جعل الناس يشعرون بأنهم مراقَبون دائمًا. انتشرت عبارة "Glasshole" (كناية عن مرتدي النظارة المتطفل)، وبدأت مؤسسات كثيرة بحظر دخولها، ما أدى إلى رفض اجتماعي واسع لها.
 

 ثالثًا: السعر غير المبرَّر

سُعّرت النظارات بأكثر من 1,500 دولار عند الإطلاق، مع إمكانيات محدودة: تصوير، خرائط، رسائل... لكن بشاشة صغيرة، وعمر بطارية لا يتجاوز ساعتين. هذا جعل كثيرين يرونها مجرد أداة باهظة لا تقدم قيمة مضافة حقيقية.


رابعًا: تصميم غريب... وتجربة غير طبيعية

رغم تقنيتها المتقدمة، كانت Google Glass أشبه بـ"جهاز علمي" على وجه الإنسان. كثيرون شعروا بالحرج من ارتدائها في الأماكن العامة، ما جعلها غير مريحة نفسيًا ولا مقبولة اجتماعيًا.


خامسًا: منتج تجريبي.. قُدم كمنتج نهائي

طرحت جوجل النظارة تحت مسمى Explorer Edition، لكنها سوقتها وكأنها جاهزة للسوق العام. النتيجة: منتج غير مكتمل حُكم عليه كمنتج نهائي، وفقد ثقته مبكرًا.

 

إذاً، فشلت Google Glass لأنها مثلت التكنولوجيا التي تفوقت على عصرها من جهة، وفشلت في فهم الإنسان من جهة أخرى.
قدمت تجربة مثيرة، لكنها كانت بلا هدف، بلا احترام للخصوصية، وبلا إدماج إنساني حقيقي.

الدرس؟ أن النجاح في التقنية لا يكفيه الابتكار وحده، بل يحتاج أن يكون مفهومًا، مقبولًا، وإنسانيًا.

 

أضيف بتاريخ :2025/05/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد