سلطنة عمان.. الأرض والإنسان
يوسف الشهاب
حين تحتفل سلطنة عمان الشقيقة بالعيد الوطني الخامس والأربعين، فإنها تطفئ من شموع الزمان سنين من الانجازات والتطور والارتقاء على كل صعيد، وتبدأ من جديد رحلة التطلع إلى الأفق البعيد الهادف إلى مزيد من الرقي والانفتاح نحو عالم تحكمه الحضارة والازدهار، ومجتمع يريد الوصول إلى غايات سامية نبيلة، يسهم من خلالها في بناء وطنه وذاته، ويدفع بلاده إلى كل ما هو كفيل بالوصول إلى الغايات التي يتطلع إليها بكل السبل.
زرت السلطنة الشقيقة أكثر من مرة، وفي مناسبات متعاقبة، ولعل ما استوقفني في كل زيارة مشاهد التغيير الاجتماعي والعمراني الذي أخذت به السلطنة، بداية بالإنسان، الذي أدرك دوره وواجبه ومسؤولياته تجاه وطنه، فعرف كيف يكون التعامل مع الواجب، وكيف يحترم قانون الشارع ويحافظ على نظافة بلاده ويحترم ذاته قبل كل شيء، هذا الإنسان الذي تراه ملتزما بآداب المرور راكبا سيارته أو ماشيا على الإقدام، صور جميلة ترى هذا الإنسان فيها يوميا. وأما الجانب التراثي والعمراني فقد حافظت السلطنة على تراثها بالأسواق الشعبية التي تقدم لك صورة أسواق الأمس بكل شواهدها وتراثها وطبيعة الحركة اليومية فيها، إلى جانب الأخذ بالعمران الحديث الذي لم يطغ على الجانب التاريخي والتراثي للبلاد، وهذه علامة مشرقة تسجل للسلطنة التي أدركت حقيقة التغيير والتطور مع الحفاظ على الموروث التاريخي بكل صوره وأشكاله.
حتى الوافد هناك تراه قد استمسك بأصول الإقامة وآدابها، وأدرك أن الواجب عليه احترام القانون واحترام الذات في حركته اليومية وفي تعامله مع من حوله، لأنه يعرف جيداً مصير الانحراف حين يقوده إلى المخالفة خرقاً للقوانين والأعراف وأصول الإقامة.. ولذا فإن كل الجنسيات هناك تلتزم بكل القوانين والأنظمة، ومن يتمرد ويحرك ذيله ما عليه سوى التوجه إلى المطار والمغادرة باعتبار أن الغريب ما عليه سوى أن يكون ملتزماً حين يأتي إلى بلاد غير بلاده ومجتمع غير مجتمعه.
إن أكثر ما يلفت نظر الزائر إلى السلطنة نظافة الشوارع ونظام المرور والالتزام بكل قواعده، وهذه أعطت نموذجاً آخر لطبيعة الحياة اليومية ودور الإنسان وواجباته انطلاقاً من مفاهيم احترام الآداب العامة التي كم نحن في حاجة إليها من جانب بعض الشباب عندنا، وللأسف، وحتى من بعض الوافدين الذين تناسوا حتى أصول الإقامة واحترامها حين يتعاملون مع الشارع.
وإذا كانت السلطنة تعيش أفراح العيد الوطني فإن أهل الكويت يشاركونها هذه الأفراح مستذكرين الدور الكبير الذي قدمته السلطنة بقيادة السلطان قابوس والشعب العماني، خلال محنة الاحتلال، سواء في الدعم العسكري أو في الضيافة التي قدمها أهلنا العمانيون لأهلهم الكويتيين الذين تواجدوا فوق أراضي السلطنة في تلك الظروف العصيبة، هنيئاً للسلطنة عيدها الوطني وإلى المزيد من الازدهار والإشراق لبلد أدرك ما له وما عليه ونجح في خطواته وتطلعاته.
نغزة
تطور الدول ورقي المجتمعات لا يتحققان بالتصريحات والتمنيات والتغريدات.. بل بالأفعال والشواهد التي تحكي حقائق الإنجازات، ومن يذهب إلى عمان يعرف كيف هي خطوات العمل حين تكون من أجل البلاد والعباد.. طال عمرك.
القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2015/11/18