أتحدى من يتهم أمانة جدة بالتقصير: حاسبوا المطر والشمس
قينان الغامدي
استغربت من شكاوى سكان بعض أحياء جدة من "المستنقعات المائية التي خلفها المطر، والتي تعوق دخولهم إلى منازلهم وخروجهم منها"، وهذه المستنقعات التي يتدلع السكان ويشكون منها، ليست كثيرة، فكلها "1465 مستنقعاً فقط"! وأعرف أن قرائي لن يقولوا: احلف!
لأن هذه الإحصائية الدقيقة من أمانة جدة وليست من عندي، فالأمانة –ماشاء الله عليها– منذ هطلت الأمطار على جدة قبل أسبوعين بالضبط، وفوراً، ودون إبطاء أو تهاون، جندت فريقاً من خبرائها ومهندسيها ومستشاريها المتخصصين في "الإحصاء" وانتشروا فور توقف المطر، يحصون عدد المستنقعات في المدينة، وتوزعوا ضمن خطة ورقابة إلكترونية دقيقة بواقع 3 فرق لكل حي على مدار 24 ساعة يومياً، يحصون عدد المستنقعات، ويقيسون مساحاتها وعمقها، وبذلوا جهداً مضنياً طيلة الأسبوع الأول بعد المطر، وقدموا تقاريرهم الإحصائية المسحية الدقيقة، وما أن عقدت اللجنة المشكلة سلفاً لدراسة تقارير "الإحصائيين المساحيين" لتصدر قراراً سريعاً بشأنها، حتى فوجئوا أن تقارير المراقبين "السريين الموثوق فيهم" لم تتفق مع تقارير فرق "المسح والإحصاء" إلاّ في العدد، أما المساحات وعمق المياه في كل مستنقع فمختلفة تماماً، وفوراً شكلت الأمانة فريقاً تحكيمياً ليبت في المسألة خلال 3 أيام فهبط فريق التحكيم مع كل فرق الإحصاء والمسح والرقابة "السرية" السابقين إلى الميدان وهات يا إحصاء وقياس من جديد، وسبحان الله العظيم ما أن أنهوا مهمتهم حتى خرجوا بنتيجة أن العدد لم يتغير، لكن تغيرت المساحات والأعماق، ووجدوا أمرين جديدين، لم يتوقعهما أحد في "عروس البحر" ولم يسبق إلى علم "الأمانة" لهما نظير في الأعوام الماضية، لأن هذا أول عام تقوم بمثل هذه المهمة الإحصائية الدقيقة "النادرة"، والأمران هما، أولاً: أحد "خبراء التحكيم"،-وهو كما قلت آخر فريق شكلته الأمانة ليحسم أمر الاختلاف بين الفريق الأساسي، والفريق الرقابي السري- غطس في طين أحد هذه المستنقعات، ولولا رحمة الله، وسرعة "شفطه" بواسطة الدفاع المدني لذهب ضمن شهداء "المطر"، وبعد الحادث وجدوا أن هذا الطين في كل مستنقع، وثانياً: أمرٌ آخر كان مفاجئاً ومؤلماً جداً لـ"فريق التحكيم"، إذ حال بينهم وبين قياس أول مستنقع وصلوا إليه في بداية مهمتهم، وهو: جيوش من الذباب والحشرات حمت المستنقع من أجهزة قياسهم، لدرجة أنهم لم يتبينوا أشكال وألوان المنازل المطلة على ضفافه، وهنا اضطروا إلى الاستعانة بملابس وخوذات خاصة من إدارة الدفاع المدني التي تعاونت مشكورة معهم، بل وزودتهم بأجهزة تشبه "النظارات" ويمكنها اختراق حاجز الذباب والحشرات لرؤية أشكال المنازل الواقعة على ضفاف المستنقعات، ما اضطرهم إلى تمديد مهمتهم يوماً رابعاً، وما أن انتهوا من تقريرهم صباح الجمعة الماضي حتى بدأت "لجنة القرار" فوراً تدرس وتبحث عن حل يتناسب مع هذه "المستنقعات"، ونظراً لأن فرق "الشفط والتنظيف الطيني" تم استنفاد جهودها في الأنفاق التي فوجئ فريق الصيانة والتشغيل في الأمانة بأن "شفاطاتها الأتوماتيكية" تآمرت مع شركة الكهرباء، وحولت الأنفاق إلى بحيرات استغرق شفطها بضعة أيام!
فقلبت اللجنة الأمر، وتوصلت إلى قرار تاريخي مريح، تم الإعلان عن جزء منه رسمياً ضمن بيان أصدرته "الأمانة" يوم السبت ورد فيه عدد "المستنقعات" بدقة، وأن "الأمانة" تركت مهمة التجفيف لحبيبة "جدة غير"، هذه الحبيبة هي "الشمس" التي ستجففها فزعة منها، كما كانت تفعل في كل عام، دون أن تعلم "الأمانة" عن الجهد الخارق الذي تبذله "الشمس" معها، وأضاف البيان أن فرق مكافحة الحشرات "انتشرت لرش هذه المستنقعات، ثم لم يقل شيئاً عن الطين" الذي سيبقى تراباً فوق الإسفلت وسيكون قد تآكل والتحم الطين الجديد بالطين "التحتاني" والمياه الجوفية تغذيهما، وهنا سأقول الجزء المخفي من القرار التاريخي وسأبشر سكان "جدة" كلهم بالجزء السري من القرار، فقد علمت من مصادر خاصة موثقة، أن جميع هذه "المستنقعات" ستتحول إلى "حدائق غنّاء" للنزهة، وأضافت مصادري المطلعة، أن جسوراً معلقة لمرور السيارات والسكان إلى منازلهم سيتم إنشاؤها فوق كل مستنقع اليوم و"حديقة غداً"!
وأنه قد تم اعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ المشروع، كما أن كافة تصاميم "الحدائق المستنقعاتية"، والجسور المعلقة فوقها في اللمسات الأخيرة، وسينعم المشاة فوق هذه الجسور المعلقة بكافة الخدمات الضرورية من مقاه ومتنزهات، وقد كانت "الأمانة" ستعلن المشروع فور اطمئنانها أن "الشمس" أنهت مهمتها في "التجفيف" بنجاح، لكني أردت أن أبشركم قبلها، وتجدر الإشارة إلى تكليف فريق من الخبراء لمراقبة أداء "الشمس" يومياً، ورفع تقرير دقيق مفصل يتضمن مكامن القوة والضعف في أدائها، ولهذا أقول للساكنين حول "المستنقعات" "والمضطرين إلى خوض أطيانها بسياراتهم، إن أي تأخير لمشروع الحدائق "المستنقعاتية" والجسور المعلقة "فوقها" هو مسؤولية "الشمس"، وأنا –شخصياً– بصفتي سربت مشروع "الحل النهائي" الذي لم يعلن رسمياً، ورصدت جهود الأمانة على مدار الأسبوعين الماضيين، فإنني أعلن اليوم أمامكم، أنني سأتصدى وأتحدى أياً من سكان هذه الأحياء الذين يزعمون أن "الأمانة مقصرة"! بعد اليوم، فالمشروع جاهز، ولن يعطل تنفيذه إلاّ أن يهطل "مطر" آخر، فيضطرون إلى تمديد مهلة التجفيف التي أُسندت إلى "الشمس"!
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2015/12/02