تأشيرة ثم توقيع ثم اهتزاز
صالح الشيحي
أجتهد وأغالب هوى نفسي، قبل كتابة أي تعليق على قرار ما، أو تصريح، وأضع أمامي الأثر الحكيم: "إذا بلغك عن أخيك شيء تنكره؛ فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته وإلا قل لعل له عذرا لا أعرفه".
حينما طالعت القرارات الغريبة التي خرجت من تعليم منطقة عسير، وضعت أمامي سبعين عذرا. استعرضتها، لم أجد أنسب من القول: إن الرجل الذي وقع الخطاب وضع ثقته فيمن لا يستحقها. هذا هو أنسب الأعذار صدقوني، وليس ثمة "عذر" يسد هوة القرارات الواسعة -التي هزت سمعة واحدة من أكبر إدارات التعليم في بلادنا- أجمل من هذا العذر!
ولمن لا يعرف شيئا عن هذه القرارات؛ أقول: إنها كانت تتعلق بتكليف عدد كبير من المشرفات بالأعمال الإشرافية، وكانت المفاجأة أن عددا من هؤلاء المشرفات "متقاعدات" منذ زمن! وبعضهن غير موجودات في المنطقة، وتم نقلهن إلى مناطق أخرى!، وعدد كبير منهن لا تنطبق عليهن الشروط نهائيا؛ وتم التحايل على النظام، والتلاعب العلني بخانة المؤهلات!.
سأقول -وهذا العذر الوحيد الذي وجدته- إن الشخص الذي وقّع القرار تأمل مسودته، فوجد مسوغات الترشيح موقعة من أقسام إدارته. كل قسم له توقيعه، وختمه على المسودة الخاصة به، ثم تناول الخطاب النهائي قبل توقيعه، تفحصه جيدا؛ فوجد على هامشه عددا من التأشيرات الموثقة والموثوقة من مسؤولين ثقاة لديه، فأمسك بالقلم باطمئنان، ووقع الخطاب، ونام هانئا، مستريح البال، ليستيقظ في اليوم التالي، ويجد أنه وقع ضحية لثقة وضعت في غير محلها!.
اختفت الدروع البشرية، وبقي صدره مكشوفا أمام سهام النقد اللاذع؛ يندب حظه مع عبدالكريم عبدالقادر: "باعوني ويه ويه.. عافوني ويه ويه.. وأنا اللي شايل حبكم بعيوني"!
الخلاصة: هذا القرار؛ هز سمعة إدارة تعليم عسير، ولن نجد أي عذر مهما بحثنا للسكوت عن هذا التجاوز الصريح الفادح للأنظمة.
السكوت له معان غير جيدة.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2015/12/08