عزام الدخيل ولعنة (الترعية والتبليم)!!
محمد السحيمي
حين تسلم الدكتور عزام الدخيل أمانة التعليم، راهنت الأغلبية الساحقة على سقوطه قبل أن يكمل مهمة التغيير؛ لأنه ـ حسب المراهنين ـ لا علاقة له بالتعليم! وهي الحيثية ذاتها التي دفعت القلة القليلة ـ مثلي وشرواي ـ للمراهنة على نجاحه وبأسرع مما يتوقعون؛ كما نجح (طه حسين) في (14) شهراً فقط؛ فجعل التعليم مجانياً كالماء والهواء لكل المصريين، وكما نجح (بيل كلينتون) في (12) شهراً نقل فيها ولايته الصغيرة جداً إلى الصفوف الأولى مع الولايات الكبرى، وانتخب هو فيما بعد رئيساً أمريكياً، حكم (العالم) ثماني سنين سمينة اقتصادياً وتكنولوجياً!!
ويمكننا اليوم أن نقول إن (أبا محمد) نجح على الأقل في خلخلة البناء البيروقراطي المنيع، وأحدث في الفترة الوجيزة السابقة، ثغرةً واضحة، ستضع من يأتي بعده بين خيارين لا ثالث لهما: إما توسيعها وإكمال المهمة، وإما سدُّها ودمغها بختم البيروقراطية من جديد، و(كأنك يا أبو زيد ما غزيت)! وإن حدث الخيار الأخير، فستعود (البيروقراطية) أقوى مما كانت؛ والوطن كله سيدفع الثمن باهظاً، ولعدة أجيال!
ومع احترامنا للوزير الجديد، الدكتور (أحمد العيسى) واعترافنا بكفاءته الإدارية والتنظيرية؛ فهو من أول من قال باختطاف التعليم من تيار الصحوة المتشدد في كتاب مهم؛ لكنه أفنى شبابه (رابصاً) في بحر البيروقراطية (الميِّت)! ولولا تسديده ومقاربته مع ذلك التيار، وانحناؤه لعواصفه العاتية، ما حقق شيئاً من نجاحاته الشخصية الكثيرة! ولكننا مع ذلك لن نفقد الأمل؛ لأن أي وزير اليوم يجب أن يحمل قبساً من إرادة الملك سلمان ـ أيَّده الله ـ في التغيير بحزم، وليس في التطوير برؤية رمادية تهدف لإرضاء المخطوف والمختطف معاً!!
أما (عزام الدخيل) فالتاريخ ـ الذي لا يظلم ولا يرحم ـ سيقف له باحترام قائلاً:
لا تلُمْ كفِّي إذا السيفُ نبا * صحَّ مني العزمُ والدهرُ أبى!!
ولئن فاته أن تضع الأجيال صورته مع (طه حسين) و(الحبيب بورقيبة) و(مالك بن نبي)، الذين غيَّروا الدنيا وأمها، في بلدانهم (الشقيقة)؛ فلن يفوته شرف أن يكون مع الإنجليزي (هوارد كارتر) الذي اكتشف مقبرة (توت عنخ آمون)، وأصيب هو وكل فريق عمله بما عرف بـ(لعنة الفراعنة)!!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2015/12/13