معالي الوزير التعليق ليس كارثة
علي الشريمي
لماذا يرفع الطلاب أياديهم إلى السماء لطلب المزيد من الأمطار أو الغبار؟ ولماذا يحتفلون بتمزيق الكتب الدراسية في نهاية الموسم المدرسي؟
نشرت إحدى الصحف المحلية قبل أمس خبرا يقول: إن "وزارة التعليم أعلنت رسميا تقليص تعليق الدراسة في الحالات القصوى وذلك خلال أول اجتماع للجنة شكلتها الوزارة تحت مسمى "لجنة تقويم أخطار الأحوال الجوية"، وإن الوزير شدد على مراعاة استكمال الطلاب وحداتهم الدراسية وتعويضهم عن الساعات التي فقدت نتيجة التعليق، شارحا آلية التعويض بأنها من خلال زيادة وقت الدراسة، بحيث تضاف حصة دراسية في كل يوم لتعويض الحصص المفقودة في أيام التعليق".
حقيقة لم أكن أود أن تكون بداية عهد وزير تعليمنا الجديد الاهتمام بقضية جزئية وهامشية كقضية تعليق الدراسة وكأنها السبب الأساس لإعاقة سير التعليم في بلدنا، وهي في أشد الأحوال لا تتجاوز اليومين كحد أقصى. كان الأجدر بوزيرنا الجديد بدلا من تشكيل لجنة خاصة بتقويم الأخطار الجوية التي يشترك فيها الدفاع المدني ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة؛ تكليف لجنة خاصة باسم "مكافحة كراهية الطالب للمدرسة" يحاول من خلالها الإجابة عن الأسئلة التالية: لماذا يرفع الطلاب أياديهم إلى السماء لطلب المزيد من المطر أو الغبار؟ لماذا يحتفل الطلاب بتمزيق الكتب الدراسية في نهاية الموسم المدرسي؟
ما زلت أتذكر هنا رسما كاريكاتوريا في إحدى الصحف قبل سنوات يمثل طفلا يرافق والده عند دخوله لأول مرة إلى المدرسة وهو يسأل المدير: متى الإجازة الدراسية؟!! في اليابان مثلا نجد أن العام الدراسي الفعلي فيها يتراوح بين 240 و250 يوما تتخلله عُطلة الربيع، التي تصل إلى نحو 10 أيام، ومثلها عُطلة رأس السنة الميلادية، بينما العُطلة الصيفية، وهي الأطول على الإطلاق، تصل إلى نحو 40 يوما. وعدد ساعات الدوام المدرسي، هي الأطول مُقارنة بأي دولة أُخرى، لكن هذا لا يعد مؤشرا حقيقيا لتطور التعليم في اليابان، المؤشر الحقيقي للحب والكراهية هو في هذه الإحصائية: "نسبة غياب الطفل الياباني عن مدرسته الابتدائية في العام الواحد أقل من 2 %، وهذا يعني أن الطالب قد لا يغيب سوى أقل من 4 أيام من 200 يوم دراسي".. لماذا؟ خبراء التربية اليابانيون أدركوا أن الكارثة ليست في إجازات التعليق المدرسية الموجودة لديهم جراء العواصف الشديدة فهي جزء من حقوقهم الإنسانية، لكنهم تيقنوا أن معادلة الحب والكراهية في سؤال الطالب والمدرسة هي الأساس في تطوير المنظومة التعليمية من خلال حجم الترفيه ومساحة الطالب في حقوقه وحرياته في المدرسة، ناهيك عن الفن كونه الأداة الرئيسة في تطوير التعليم وتعريف الطلاب بالحركة الفنية التشكيلية، كل هذا من شأنه أن يفتح أبواب قلوبهم، ويقدم لهم الآخر المختلف في أجمل وأرق صورة، يجمعهم بالعالم بلغة يفهمها الجميع، لونا أو نغمة أو حركة على المسرح. هكذا تتفتح آفاق الجيل الياباني وتنمو لديه قدرات الخلق والإبداع، ونتيجة ذلك كله تجد الطالب عاشقا للمدرسة.
ما أود قوله لمعالي وزير التعليم أن المطلوب الآن زيادة الجرعة الثقافية والفنية والحقوقية الإنسانية في المناهج الدراسية. وليس قرار تعويض أيام التعليق وكأننا نكرس مرة أخرى الكراهية بين الطالب والمدرسة تماما كمن يدفع عربة لا تعمل أو أنها تكره أن تعمل.
الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2015/12/24