إلى أين يسير النظام السعودي؟ إلى قيادة العالم الإسلامي أم إلى طريق الصدام؟
د. فوزي ناجي
إن النهج التي يتبعه النظام السعودي الجديد منذ تولى الملك سلمان لمقاليد الحكم خطير للغاية ليس لأعداء السعودية فحسب و إنما للنظام السعودي نفسه وذلك للأسباب التالية:
أولا: توسيع دائرة الأعداء وعدم القدرة على كسب أصدقاء جدد. إن التذمر من النظام السعودي الجديد لا ينحصر في خصوم السعودية التاريخيين و إنما في من كانوا حلفاء للسعودية لعقود طويلة و في داخل المجتمع السعودي و العائلة الحاكمة نفسها.
ثانيا: قطع العلاقات بين السعودية و إيران من قبل السعودية يشير إلى أن النظام السعودي الجديد لا يؤمن بالحلول السلمية التي يسعى العالم أجمع إليها و خصوصا في الأزمات و الحروب القائمة في سورية، العراق، اليمن و ليبيا.
ثالثا: حرب البترول التي بدأتها السعودية لضرب الاقتصاد الإيراني والروسي و كذلك الحروب السعودية في سورية و اليمن أدى إلى عجز مالي بمقدار 98 مليار دولار في الميزانية السعودية للعالم الحالي.كريستين ليجارد رئيسة صندوق النقد الدولي ترى عام 2016 عاما صعبة للاقتصاد العالمي و يرى بعض خبراء النفط بإمكانية تدني سعر برميل النفط في العام الحالي إلى عشرين دولارا و يرجعون ذلك لما يلي:
زيادة الإنتاج للدول المصدرة للبترول.
تراجع الاقتصاد الصيني و الذي يعتبر الاقتصاد الثاني عالميا مما يقلل من كمية الطلب على شراء النفط.
الشتاء الدافئ هذا العام في أوروبا و أمريكا.
زيادة فوائد البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية.
رابعا: انتهاء حالة الرخاء الاقتصادي التي كان ينعم بها المواطن السعودي و التي تعتبر من الدعائم التي يرتكز عليها النظام السعودي لامتصاص نقمة الشعب و إحباطاته. لقد حذر صندوق النقد الدولي النظام السعودي من ضرورة اتخاذ إجراءات من شأنها الحد من المصروفات في المملكة و إلا فان المملكة قد تواجه الإفلاس بعد خمسة سنوات. نظرا لذلك فقد قررت الحكومة السعودية إتباع سياسة توفيرية تشمل زيادة أسعار البنزين و تقليص الدعم للمياه و الكهرباء و زيادة حجم الضرائب. هنا ربما ينفع التذكير بما حدث من هبات شعبية في كل من تونس و الأردن عندما قررت حكومتا البلدين في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي رفع الدعم عن المواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات في ظل أزمة البطالة.
خامسا: ضربت السعودية بعرض الحائط كل النصائح و التحذيرات الموجهة لها من حلفائها الاستراتيجيين في الولايات المتحدة الأمريكية و دول الاتحاد الأوروبي بضرورة أخذ المشاكل السعودية الداخلية مأخذ الجد و ضرورة العمل على إيجاد الحلول الناجحة للشباب السعودي المحبط من البطالة و التهميش و عدم الشعور بالمساواة في التعامل و خصوصا من أبناء الطائفة الشيعية.
لقد عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن انتقاده للنظام الحاكم في السعودية في أكثر من مناسبة و طالب بإصلاحات سياسية. على أوباما أن يفرح هذه الأيام لكونه لا يحمل الجنسية السعودية و إلا فأنه كان عليه أن يواجه نفس المصير الذي لقيه الشيخ نمر باقر النمر.
إن إعدام الشيخ النمر لقي إدانة واسعة في مختلف أرجاء العالم لأنه كان يطالب بالإصلاحات في النظام السعودي الحاكم و بطرق سلمية و هو القائل بان سلاح الكلمة أقوى من سلاح الرصاص. إن اتهام معارض سلمي بالإرهاب و إعدامه لا يمكن أن يلقى القبول و الاستحسان من أي إنسان عاقل لا في الشرق و لا في الغرب. لقد عبر بان كي مون عن إدانته وصدمته و شكه في نزاهة المحاكمة و نوع العقوبة، كما اتهمت منظمات حقوق الإنسان هيومنرايتس وتش و امنستي انترناشيونال النظام السعودي بالاضطهاد المنظم من قبل الدولة للطائفة الشيعية في السعودية. و قد أخذت الأحزاب الحاكمة الألمانية تطالب بضرورة إعادة النظر مبدئيا بالموقف تجاه السعودية. أما المعارضة الألمانية فقد عبر عنها جيم اوزديمير رئيس حزب الخضر بالقول بان المصالح الاقتصادية و سياسة التسلح يجب أن لا تكون أكثر أهمية من مصداقية ألمانيا المتعلقة بحقوق الإنسان. و قد طالبت المعارضة الألمانية بوقف تصدير السلاح الألماني إلى السعودية. كلاوديا روت نائبة رئيس البرلمان الألماني (البوندستاج) صرحت بأنه يجب أن لا يصدر السلاح إلى دولة تعدم العديد من أبنائها و ترهبهم و تقضي على كل محاولة نقد لنظامها.
لقد أصبح التخبط في السياسة السعودية ظاهرا للعيان بعد فشلها في إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد و فشلها في حربها على اليمن و كذلك فشلها في إقناع الغرب بقدرتها على تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. كما أن اتفاق الغرب مع إيران حول البرنامج النووي شكل ضربة قاضية للطموحات السعودية في قيادة العالم الإسلامي. وهنا تقاطعت مصالح النظام السعودي الجديد مع إسرائيل. فهما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان تعارضان الاتفاق و تعتبرانه حدثا خطيرا بينما تجمع دول العالم الأخرى على كونه خطوة ضرورية في الاتجاه الصحيح من اجل تحقيق الأمن و السلم العالميين.
لكي يستمر الشعب السعودي في التمتع بخيرات بلاده و يعيش برخاء و رفاهية على النظام السعودي القيام بما يحقق الوقف الفوري للحرب على اليمن و وقف الدعم العسكري للمعارضة السورية التي تسير في فلكه و عدم التدخل في شؤون العراق و ليبيا. و كذلك السعي الجاد لإيجاد الحلول السياسية لمشاكل المنطقة و الذي يتطلب إقامة علاقات ترتكز على الاحترام المتبادل مع دول الجوار و خصوصا مع إيران لكونها قوة إقليمية مؤثرة، و استخدام المال العام الذي ينفق حاليا على السلاح في نشر العلم و الثقافة و القضاء على البطالة و تطوير الصناعة و نشر المساواة بين أبناء الشعب السعودي من السنة و الشيعة. و إلا فان مصيره إلى زوال.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2016/01/07