في الآثار ذكرى تنفع المؤمنين
عبدالمحسن هلال
لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور توعوي اجتماعي هام تكاد تطغى عليه عملياتها الميدانية المثيرة للجدل بسبب التجاوزات التي تشوبها من بعض أعضائها الميدانيين كتصرف اجتهادي فردي، والذي سرعان ما يأتي تصحيحه من رؤساء أفرعها المنتشرة بمدن وقرى المملكة في تسلسل إداري منظم. الملفت أنه برغم كونها هيئة دينية إلا أنها تستخدم طرقا إدارية جيدة كالتنظيم الهرمي والهيكلي، ووسائل النصح والإرشاد وإصلاح الخطأ بالستر على الأطراف الضارة والمتضررة، وتطبق أحدث المبادئ الإدارية ومنها المبدأ المشهور أن الصلاحيات تؤخذ لا تمنح.
قامت الهيئة بإغلاق مسجد الأحزاب وبقية المساجد السبعة وإحاطة الموقع بشريط منع دخول، بحجة حدوث بدع وخرافات من بعض زوار هذه المساجد، قبل أن تتشاور أو حتى تحيط هيئة السياحة والتراث أو وزارة الشؤون الإسلامية علما، برغم أن هناك اتفاقا موقعا بين هاتين الجهتين الحكوميتين بالاستلام والعناية بالمساجد التاريخية. وهذا تجاوز إداري ينبغي التنبه له لأنها تعمل ضمن منظومة حكومية واحدة لا تتداخل صلاحياته وواجبات مؤسساتها، فضلا عن أن يشك في أساليب أو أهداف رؤسائها. مبدأ الإغلاق والمنع ضرره أكثر من نفعه، هناك طرق أخرى للتعامل مع البدع والخرافات إن وجدت، وهنا تبرز أهمية الدور التوعوي. قد يكون للهيئة وجهة نظر في بقية المساجد السبعة، أما مسجد الأحزاب، فكما هو معروف موقع قيادة معركة الأحزاب في عهد النبوة الطاهرة، وهي قيمة تاريخية كبيرة توثق مرحلة مهمة من تاريخنا الإسلامي.
الخطأ لا يعالج بخطأ، وجهل العامة وبعض الحجاج لا يعالج بالمنع بل بالعلم، هناك مواقع عدة بالمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة تؤرخ أحداثا ووقائع في تاريخنا الإسلامي كمسجد الرضوان الذي غيرت الهيئة مكانه دون مبرر، وبئر طوى وموقع مولد الرسول عليه السلام، وبقية المواقع كجبال النور وثور وحراء وأحد وسلع وقرية بدر ومسجدي الأحزاب وقباء بالمدينة ومسجد ابن عباس بالطائف (حصرت هيئة السياحة 384 موقعا، 118 بمكة و266 بالمدينة وجميعها مهددة بالإغلاق أو مضايقة زوارها) الخوف من الآثار أمر مستغرب، كل الدول تنشئ المتاحف لمقتنياتها التاريخية وتصون مواقع آثارها، لتحكي لشبيبتها وزوارها تاريخها الديني أو الاجتماعي أو السياسي، وبقليل من التوعية، وهو الدور المهمل للهيئة فيما يختص بالمواقع التاريخية والآثار وباقي السلبيات التي تراها، والذي استبدلته بأسهل الحلول، المنع والإغلاق، كأن ليس لديها وقت للتوضيح والشرح للزوار، أو حتى وضع لوحات إرشادية، أقله التنسيق مع بقية الجهات الحكومية المختصة.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/03/18