العبور إلى دمشق على الألغام الأميركية
ديمة ناصيف
التصريحات السعودية والإماراتية اليوم حول سوريا، والتي سبقتها خطوات أخرى، إماراتية بالخصوص، قد تنذر بانفراجات سياسية، تكون مقدمة لأخرى اقتصادية تريح الشعب السوري الذي أرهقه قانون "قيصر".
قد لا تكون مصادفةً تزامن تصريحي وزيري خارجية الإمارات والسعودية بضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ودعم الحل السياسي لإنهاء الحرب. ورغم أن الأمر لا يتعدى حتى اللحظة التصريحات السياسية، ولم تبلغ الخطوات العملية المستوى المطلوب، إلا أن ذلك لم يكن ليحدث لولا وجود انقلاب في المنظومة الأميركية التي كانت تضغط على هذه الدول وتمنع تقاربها مع دمشق.
لكن هذا الإعلان المتزامن لا يقلل من أهمية الخرق المزدوج لدولتين عضوتين في الكتلة الصلبة من دول التعاون الخليجي، التي دعمت الحرب على سوريا، ووقفت وراء قرار تعليق عضويتها في الجامعة العربية قبل 10 سنوات، والذي أملته الهيمنة السعودية - القطرية على الجامعة آنذاك.
ومن الواضح أن تحولاً كبيراً في تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع الملف السوري، استدعى إمكانية حصول هذه التصريحات المتمايزة عن الموقف السياسي الذي استمر لسنوات طويلة، لمجموعة قادت حملةً لإخراج سوريا من المشهد الدبلوماسي العربي، تحت رهانات كثيرة بإسقاط الدولة السورية سريعاً، واستجابةً لضغوطات أميركية وغربية لعزل سوريا.
الإعلان عن الرغبة الخليجية بإعادة العلاقات مع دمشق، ما كان يمكن أن يكون لولا انتزاع سوريا نصراً عسكرياً وسياسياً بعد 10 سنوات من الحرب، وهو أيضاً ليس أمراً جديداً؛ أصوات تونسية وجزائرية ولبنانية سبقت ما ذهبت إليه أبو ظبي والرياض بالتعبير عن مواقف مؤيدة للعلاقة مع دمشق، كانت تمنعها إدارة ترامب، وتنصب في وجهها جدار العقوبات الاقتصادية.
ومنذ أن دخل الاحتلال التركي إلى الشمال السوري، أولى مراتب التهديد الأمني القومي العربي من المتوسط حتى الخليج، تجري الكثير من العواصم التي مولت مالياً وعسكرياً أو سياسياً مراجعات لفتح قنوات تواصل مع دمشق وتعاون أمني وسياسي، حيث ترى هذه العواصم في عودة سوريا إلى الجامعة العربية تحجيماً للنفوذ والوجود التركي في المنطقة العربية، وفي بوابتها الشمالية سوريا.
ولم تكن اجتماعات مدير الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، مع رئيسي المخابرات المصرية والسعودية، في الرياض والقاهرة قبل سنوات، إلا في سياق قرار سياسي عربي، وإن كانت أجندته أمنية، واستجابة سورية لتعميق هذا التعاون، منعت الضغوطات الأميركية إمكانية تثميره وحصول مخرجات مفيدة، وربما لو حصل ذلك لأحدث نقلة نوعية في الصراع، واختصر أمد الحرب، كما ترى دمشق.
التصريحات الإماراتية، وإن سبقتها خطوات جدية في افتتاح سفارتها نهاية العام 2018، واتصال ولي العهد محمد بن راشد بالرئيس بشار الأسد، لتأكيد دعمه للشعب السوري في ظروف جائحة كورونا، واليوم التصريحات السعودية، قد تنذر بانفراجات سياسية، تكون مقدمة لأخرى اقتصادية، تنعكس في الداخل السوري الذي أتعبته عقوبات "قيصر"، وهي تعني بشكل أساسي، أن هناك انفتاحاً أو مساعي لانفتاح عربي جدي تجاه سوريا هذه المرة.
الميادين نت
أضيف بتاريخ :2021/03/11