رسالة لمن يحرِّم أو يكفِّر
محمد سالم الغامدي ..
رسالة لمن يحرِّم أو يكفِّر في هذه المرحلة الزمنية التي يعيشها عالمنا الإسلامي أصبحت ممارسة حالة التحريم والتكفير سهلة وميسرة وفي متناول كل جاهل أو متمشيخ بل إنها أصبحت سمة لهذا العصر الذي نعيشه والمؤكد أن هذا يعد خطراً عظيماً أدى إلى الكثير من المهالك الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأدى الى انتشار الطائفية بمختلف صورها والمذهبية بمختلف اتجاهاتها ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن بعض الأمور التي تم تحريمها كالتلفاز والإذاعة والفاكس والسيارات وبعدها الهواتف ثم الكاميرات وبعدها الكثير والكثير ولازال التحريم جارياً حتى هذه اللحظة ،أصبحت بعد حين حلالاً وأن تكفير بعض الطوائف أو المذاهب حالياً لم يكن قبل عدة عصور فكيف يحدث ذلك وعلى أي أساس أو مستند شرعي كان ذلك التحريم أو التكفير ، ولعل المضحك والمحزن في نفس الوقت أن ما يحرمه البعض اليوم قد يصبح حلالاً غداً أو بعد غد فكيف يكون ذلك وهو ما يتعارض مع ماورد في كتاب الله وسنة نبيه .
ولعلي هنا ومن خلال هذه المساحة الضيقة أطرح بعض المسلمات الشرعية كي نتخذها قاعدة ومنطلقاً لحكمنا ونقاشنا فأقول :
- إن ما هيأه لنا ربنا سبحانه وتعالى في هذه الحياة إما حلالاً أو حراماً.
- إن الحرام هو: ما ورد فيه نص صريح من كتاب الله يحرمه ،وما دون ذلك من الأعيان والمنافع والمعاملات والأفعال يعد مباحاً لأن الأصل في كل شئ الإباحة والدليل:
1- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً : (مـا أحـلَّ الله في كتابـه فهو الحلال وما حَرَّم فهو الحرام وما سكت عنه فهو عَفْوٌ فاقبلوا من الله عافيته)
2- حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه: (الحلال ما أحلَّ الله في كتابه والحرام ما حرَّم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا لكم )
- إن شريعتنا الإسلامية تقوم على مصدرين أساسيين هما : كتاب الله الكريم والصحيح من سنة نبيه المصطفى .
- إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحرم شيئاً لم يرد فيه نص صريح من الكتاب استناداً على أمرين رئيسين:
أولهما: ما ورد في نص الحديثين السابقين .
ثانيهما: أن السنة النبوية كما أجمع عليه فقهاء الأمة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها فكيف لا يعاقب شخص ارتكب محرماً ؟
- ثم يبقى الأمر الأكثر إيلاماً والأكثر جرماً وهو أن البعض حرم أمراً أباحه الله سبحانه وتعالى وأباحه نبيه المصطفى مما يعد تجاوزاً عظيماً لا يغتفر فكيف بنا نسكت على ذلك .
- إن ما يعده البعض مصادر أخرى للشريعة الإسلامية كالاجتهاد والقياس لايمكن أن يخرج عن صلب وحدود ما حرمه الله سبحانه إما مبالغة أو سداً لذريعة كما فعل البعض فعلى سبيل المثال لا الحصر تحريم الخمر يقاس عليه تحريم كل ما اذهب العقل كما يفعله الخمر تماماً دون الخروج إلى تفصيلات دقيقة لاتمت إلى سبب التحريم بصلة وهكذا أمور التحريم الأخرى التى تنامت وتفرعت حتى طالت أموراً لا علاقة لها بالأصول .
-دون شك إن المبالغة في ممارسات حالات التحريم قد أفضت إلى نواتج أخرى أكثر خطورة وضرراً كممارسة حالة التكفير والتفجير والإقصاء وهذا كله ما أصبحنا نشكو آثاره في عصرنا هذا . والله من وراء القصد.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/05/21