وزارة الإسكان وملاحقة السراب
عبدالرحمن اللاحم ..
يبدو أن وزارة الإسكان مازالت تتخبط في تحقيق الهدف الذي من أجله أنشئت هذه الوزارة وهو تأمين السكن الملائم للمواطن وتذليل كل الصعوبات التي قد تعترض تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي سواء كانت عقبات تنظيمية أو غيرها، ومن بين تلك العقبات تضخم أسعار الأراضي بشكل جنوني غير منطقي، والأسباب لا علاقة لها بأي مفهوم اقتصادي سوى احتكار ثلة من البشر للأراضي وكنزها لأنها (لا تاكل ولا تشرب)، وفي ظل عدم وجود قوانين صارمة تحوّل تلك الأراضي المكنوزة إلى جمرة في أيدي أولئك المحتكرين، بل إن قيادات الوزارة أعلنت أنها غير معنية بتخفيض أسعار الأراضي، وهي رسالة من عدة رسائل أرسلتها وزارة الإسكان إلى تجار التراب حفاظا على مشاعرهم الحساسة جدا.
الوزارة أخيرا خرجت لنا بشروط جديدة لإقراض المواطن من أجل توفير سكن يلم به شتات أسرته ويهرب به من ذل الإيجار، كان أحد تلك الشروط أن لا يتجاوز سن المقترض عند نهاية القرض ٦٥ سنة، وبما أن القرض مدته ٢٥ سنة فهذا يعني بعملية حسابية بسيطة أن يكون عمر المتقدم للقرض لا يتجاوز أربعين سنة، الأمر الذي يفرغ النظام من فكرته الأساسية وذلك باستبعاد شريحة كبيرة من حقهم في الحصول على سكن وحقهم في المساواة أمام تلك الفرصة مع بقية المواطن وبذلك يكون البرنامج عملياً لم يحل المشكلة ولم يصل إلى الهدف الذي من أجله أنشئت وزارة الإسكان.
كما أن المضحك (وشر البلية ما يضحك) أنها اشترطت أن يقدم المقترض كفيلا غارما يوافق على أن يكون مرتهنا لهذا الدين لمدة ربع قرن مما يعدون، وكأن الدولة غير قادرة بسلطتها وأدواتها القانونية أن تلاحق المتعثرين عن السداد، فالكفيل الغارم عادة ما يكون في العلاقات المالية بين البشر الذين لا يملكون أدوات قانونية استثنائية وسلطة كالتي تتمتع بها الدولة ومؤسساتها، وهذان الشرطان يؤكدان أن الوزارة مازالت في متاهة وتيه وبعيدة عن النجاح في حل أهم معضلة وطنية وهي معضلة السكن التي كانت في أعلى اهتمامات الملك والذي أعاد تكرارها في أكثر من مناسبة، إلا أن الوزارة فشلت حتى الآن في ترجمة تلك الإرادة الملكية إلى واقع يلمسه الناس على الأرض.
* محام وكاتب
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/05/30