آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نمر فهيد السبيلة
عن الكاتب :
دكتور وكاتب سعودي

الأخطاء الدوائية

 

نمر فهيد السبيلة ..

تقتل الأخطاء الطبية قرابة 2500 شخص سنويا في المملكة، وتشكل الأخطاء الدوائية نسبة لا بأس بها، إذ لا تقل خطورة عن بقية الأخطاء الطبية الأخرى، لما يحدث فيها من سرعة التأثير على المريض مباشرة. وسببها الرئيسي هو حدوث خلل في كتابة الوصفة الطبية، أو تحضير الدواء بطريقة خاطئة، أو عدم تقديم الإرشادات الكافية للاستخدام. وتعتمد خطورة هذه الأخطاء على نوع الدواء المستخدم، وبالتالي قد تعرض حياة المريض إلى الموت، لا سمح الله. وللتوضيح أكثر عن هذه الأخطاء هنالك أمثلة عدة:

 

1. تحضير أو إعداد الجرعات الدوائية بطريقة غير نظامية وصحيحة، لأن هنالك أدوية قد تحضر داخل المنشأة الطبية لسبب يتطلب فيها جودة أو ندرة احتياج المرضى لدواء ما لعدم وجود مصانع وشركات أدوية لتوفيرها.

 

2. إعطاء المريض شكلا صيدلانيا آخر للدواء بدلا من المكتوب في الوصفة (كالشراب مثلا ويصرف للمريض أقراصا).

 

3. كتابة الاسم التجاري للدواء بدلا من اسمه العلمي، قد يؤدي إلى صرف دواء غير المقصود في الوصفة.

 

4. تعارض الدواء مع دواء آخر لعدم دراية الطبيب أو الصيدلي بالتاريخ العلاجي للمريض، فمثلا هناك أدوية للضغط لا تتناسب مع مرضى السكري، للذين يعانون من مرض السكر والضغط معا.

 

5. سوء استخدام المريض للدواء لعدم تقديم الإرشادات الكافية عند صرف الدواء له.

 

وفي هذا الجانب يجب أن يتناسب عدد الصيادلة مع عدد الوصفات أو المرضى خلال اليوم، فغالبا ما يكون عدد الصيادلة أقل مما هو متوقع لصرف الأدوية في معظم مستشفياتنا، مما ينتج عنه سوء تقديم الإرشادات الكافية للمريض، ومن ثم الوقوع في الخطأ الدوائي على الرغم أن التقارير العالمية تشير إلى أن الصيدلي يجب ألا يتجاوز صرف 120 وصفة يوميا. وحديثا تشير الدراسات إلى أن الصيدلي يصرف من الأدوية لـ 12 مريضا يوميا فقط وليس بعدد الوصفات، لتقليل حدوث الخطأ من الصيدلي بنسبة 90 %.

 

وغيرها من الأخطاء التي لا يتسع المجال هنا لذكرها، مع الملاحظ هنا أنه لا يزال غياب الجهة المخولة التي من شأنها القيام على واقع هذه الأخطاء، ولا توجد أي إحصائيات رسمية تبين مقدارها، والتي قد تسهم في معالجتها. وباعتراف بعض مسؤولي وزارة الصحة «لا توجد إحصائيات على الصعيد الوطني»، حيث اعتدنا غالبا ذكر الإحصائيات العالمية في مؤتمراتنا وندواتنا، وبالتالي لا تنعكس على واقعنا، لأننا لا نعرف ما هي كمية الأخطاء الدوائية، سواء على الصعيد الوطني أو الخليجي أو حتى العالم العربي! وبذلك يزيد جهلنا بمعرفة وحصر أسباب هذه المشاكل.

 

فمثلا الأخطاء الدوائية تؤدي إلى مقتل مليون ونصف سنويا، حسب تقارير عالمية، والتي من شأنها رفع التكلفة الطبية لها بما يقارب 3.5 ملايين دولار سنويا. وللأسف هذا التعبير موجود بكل من الموقع الالكتروني لوزارة الصحة والهيئة العامة للغذاء والدواء، مع العلم أن هاتين الجهتين هما الأكثر تضاربا وتداخلا في مهامهما المنوطة تجاه صحة المريض.

 

لدينا دراسات مهتمة بذلك، ولكن لا ترتقي للمستوى المطلوب، لما يشوبها من أخطاء ونقص، وأنها لا تندرج تحت إطار إيجاد حلول لهذا الخطر. فمعظم الدراسات تشير إلى أن نسبة كبيرة من هذه الأخطاء تحدث من الممرضين بنسبة (35 %)، ومن ثم الصيادلة (9 %)، والأطباء (2 %) وغيرهم من مقدمي الرعاية الصحية بنسبة (1 %) ، وهذا ما تم اكتشافه، فضلا عن الذي لم يتم اكتشافه، وهو يمثل (53 %).

 

ودراسة أخرى تمت في المستشفيات الجامعية في السعودية وضحت أن 5574 من المنومين داخل المستشفيات حصيلة أسباب عدة، منها الأخطاء الدوائية (تشكل 4.5 %، تقريبا 253 مريضا بسبب الأخطاء الدوائية)، تم بقاؤهم في المستشفى من أسبوع إلى ثلاثة أشهر! ولهذا تزداد التكلفة للقطاع الصحي لمعالجة هذه الأخطاء بدلا من توجيه هذه التكلفة للتطوير الصحي الذي يسهم في تقليلها.

معا للتثقيف الدوائي.

 

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/06/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد