روسيا المفاجأة والقدرة
رغم كل ما يدور من لغط وجدل وهجوم ونقد للعملية العسكرية الروسية ضد مواقع الإرهاب في سوريا، فإنه من المؤكد أن روسيا أبهرت العالم، خصومها قبل حلفائها وأصدقائها، بقدراتها العسكرية الفائقة، والتي كانت باعتراف الجميع «مفاجأة» كبرى لم يتوقعها أحد، حتى أكثر الاستراتيجيين العالميين خبرة..
وهذا ليس كلام الروس وحلفائهم، بل كلام خصومهم السياسيين الأميركيين، وهو ما كتبته صحيفة واشنطن بوست الأميركية يوم العاشر من أكتوبر، بعد إطلاق السفن الروسية 26 صاروخاً من طراز «كاليبر» من بحر قزوين لتقطع مسافة 1500 كيلومتر وتصيب بدقة أهدافها في سوريا..
حيث قالت الصحيفة: «لقد أقر الخبراء العسكريون الأميركيون أن الأسلحة الروسية تفوقت على صواريخهم الشهيرة كروز توماهوك، المتعددة الأغراض والعالية الدقة، لقد أظهرت روسيا قوتها القتالية»، وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن «هذه الحقيقة أقلقت واشنطن، مثلما أن تعزيز الوجود الروسي في سوريا، والغارات المفاجئة ضد أهداف تابعة لـ «داعش»، أصبحت مفاجأة غير متوقعة للبيت الأبيض».
الشائعات والأكاذيب تنطلق من هنا وهناك حول الضربات الروسية لمواقع الإرهاب، إلا أن أحداً لم يثبت إصابة الضربات الروسية لأهداف مدنية بعيدة عن مواقع الإرهابيين، بل اعترفت جهات أميركية بدقة تصويب الطائرات والصواريخ الروسية..
وسخرت صحف أميركية بشدة من الصواريخ الأميركية التي أصابت مستشفى تابع لجمعية أطباء بلا حدود في كوندوز بأفغانستان، ما أدى لمقتل 22 شخصاً وجرح عشرات آخرين، واعتبرته القيادة الأميركية مجرد خطأ، رغم أن القصف كان من مسافة قريبة، واستمر لمدة نصف ساعة، بينما 26 صاروخاً روسياً أطلقوا من مسافة 1500 كيلومتر في دقائق معدودة، وأصابوا أهدافهم بدقة متناهية.
ما تفعله روسيا الآن، هو رسالة واضحة للجميع، بأن هناك موازين قوى عالمية تتغير، وأن زمن القطب الأوحد الذي لا يحترم الشرعية الدولية، ولا يحترم سيادة الدول، ويريد أن يفرض إرادته على الجميع، ويضطلع وحده بدور الشرطي العالمي، هذا الزمن قد ولّى، والعالم مقبل على زمن متعدد الأقطاب، يحترم القانون الدولي، ويتساوى فيه الصغير والكبير في الحقوق والواجبات.
الكاتب: د. مغازي البدراوي.
صحيفة البيان الإماراتية.
أضيف بتاريخ :2015/10/16