#تقرير_خاص : مقاومة سعودية إماراتية لجهود #أمريكا في تقليص جذور #الصين بالشرق الأوسط
محمد الفرج...
"مع غياب البديل الأمريكي المنطقي، ستظل جذور الصين في التوسع العميق بمنطقة الشرق الأوسط مع تقلص جذور الولايات المتحدة اقتصاديا وعسكريا، بهذا الاستنتاج بنى المحلل في العلاقات الدولية "سلمان رافي شيخ" رؤيته لنتيجة المحاولات الأمريكية الحالية لدفع الصين بعيدا عن تلك المنطقة.
ويقول "رافي شيخ"، في مقال نشرته مجلة "نيو إيسترن آوت لوك"، إن العلاقات بين الصين والشرق الأوسط باتت متعددة الأبعاد، لدرجة أن جهود واشنطن المستمرة ضدها لم تلق آذانًا صاغية في عواصم حليفة لها بالمنطقة مثل أبوظبي، والتي يعد إلغائها مؤخرا لصفقة مقاتلات "إف-35" الأمريكية؛ بسبب المطالب الأمريكية التي تريد من الإمارات وقف التعامل مع تكنولوجيا "5G" الصينية أمرا له دلالة في هذا الإطار.
المشكلات الحالية بين الولايات المتحدة ودول شرق أوسطية أخرى مثل السعودية، سمحت للصين بشكل مباشر بتوسيع علاقاتها إلى ما هو أبعد من التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار مع تلك الدول.
وأبرز ما يميز العلاقة بين بكين والشرق الأوسط هو أنها تقوم على مبدأ الاعتماد المتبادل بشكل مميز، وهو الشيء الذي تفتقر إليه دائمًا علاقات الشرق الأوسط مع الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، فإن اعتماد الصين المتزايد على الشرق الأوسط لاحتياجاتها من النفط والغاز يعني أن طموح الولايات المتحدة لإجبار الصين على الخروج من المنطقة يتعارض مع حاجة دول الشرق الأوسط لبيع النفط والغاز لأكبر دول العالم. استهلاكا لهذا الخام، كما يقول الكاتب.
ومنذ أن تجاوزت الصين الولايات المتحدة في عام 2017 كأكبر مستورد/مستهلك للنفط والغاز في العالم، تغيرت علاقاتها مع أكبر منتج للنفط والغاز في العالم بشكل جذري؛ مما يعني أن أساليب الضغط الأمريكية على دول مثل الإمارات لا يمكن أن تعمل بطرق مختلفة.
إلى جانب الحجم الكبير للتجارة غير النفطية بين الصين والإمارات، فإن الأخيرة هي أيضًا من بين موردي النفط العشرة لبكين، وفي عام 2021 لبت الإمارات أكثر من 5.5% من احتياجات الصين النفطية السنوية. وبلغت فاتورة واردات الصين من الإمارات نحو 10 مليارات دولار.
لكن المملكة العربية السعودية برزت كأكبر مورد للنفط للصين في عام 2021، حيث زودت بكين بما يقرب من 16% من النفط الذي تعتمد عليه، بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار.
ونلفت إلى التعاون الذي بدأ على استحياء بين الصين والسعودية في مجال تطوير الصواريخ الباليستية، حيث لجأت الرياض إلى بكين بعدما اصطدمت برفض واشنطن مساعدتها في بناء قدراتها الباليستية بسبب قلق الأمريكيين من تأثير ذلك سلبا على سياسة تقليل انتشار هذه الأسلحة بالمنطقة، وهناك أيضا محطة تخصيب اليورانيوم التي بنتها الصين بالقرب من مدينة العلا السعودية.
وإلى جانب التعاون العسكري، فإن الصين تضخ استثمارات من خلال مبادرة الحزام والطريق (BRI) أيضًا أموالًا كافية في الشرق الأوسط لتلبية مطالبها المتزايدة للتحديث الاقتصادي، حيث استثمرت بكين أكثر من 123 مليار دولار في الشرق الأوسط بين عامي 2013 و 2019.
الصين، عبر مبادرة "الحزام والطريق"، تساعد دول الشرق الأوسط، لاسيما الخليجية، على فتح خيارات لاقتصادها بعيدا عن النفط، وعلى سبيل المثال تقوم الصين ببناء موانئ في جميع أنحاء الشرق الأوسط لن تسهل تجارتها عبر خطوط الاتصال البحرية فحسب، بل تسمح أيضًا بدافع هذه الدول الغنية بالنفط لتنويع اقتصادها بما يتجاوز الاعتماد الوحيد على تصدير النفط والغاز.
إلى جانب ذلك، فإن هناك حقيقة أن الولايات المتحدة في منتصف عملية لسحب قواتها العسكرية وأصولها من الشرق الأوسط للتركيز أكثر على جنوب شرق آسيا والمحيط الهندي والمحيط الهادئ من أجل مواجهة الصين بالقرب من حدودها.
وبينما كانت الولايات المتحدة تعتمد على أسلوب الضغط لثني دول الشرق الأوسط عن التعامل العميق مع الصين، فإن هذه الاستراتيجية لم تعد ناجحة لأن واشنطن لم تكن قادرة على تقديم خطة بديلة للتعاون مع تلك الدول.
في الوقت نفسه، فقدت الرواية الأمريكية المناهضة للصين، والتي تشدد على المخاطر الأمنية المرتبطة بالحصول على تكنولوجيا الصين للجيل الخامس، أهميتها ومصداقيتها في ضوء الكشف عن تورط شركات التكنولوجيا التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها مثل "فيسبوك"، وكذلك وكالات أمنية واستخباراتية أمريكية في التجسس على دول المنطقة".
لذلك، في غياب البديل الأمريكي، فإن الكتابات التي تتنبأ بجفاف جذور الصين العميقة في الشرق الأوسط في القرن المقبل لم تعد واقعية، حيث ستستمر هذه الجذور في التوسع مع تقلص جذور الولايات المتحدة من الناحيتين العسكرية والاقتصادية، هذا منطقي بقدر ما هو حتمي، بالنظر إلى حقيقة أن الشرق الأوسط لديه الآن خيارات أكثر مما كان عليه في القرن الماضي عندما لم تكن الصين لاعباً عالمياً".
أضيف بتاريخ :2022/01/10