#تقرير_خاص : هل تتحقق المصالحة السعودية التركية قريبا؟
محمد الفرج...
يترقب كثيرون تحديد موعد لزيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى السعودية بعد قرار السلطات التركية نقل قضية "جمال خاشقجي" إلى المملكة، وهو ما يعني عمليا إغلاق ملف القضية التي كانت سببا رئيسيا في توتر العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة الماضية.
وخلال العام الماضي، انخرطت تركيا في حملة دبلوماسية لإعادة العلاقات مع الدول التي اختلفت معها في أعقاب الربيع العربي عندما اعتبرت مصر والإمارات والسعودية دعم أنقرة للجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين تهديدا.
وتسببت تطورات لاحقة في تعميق خلافات أنقرة مع هذه الدول بما في ذلك حصار قطر التي تعد حليفا مهما لتركيا، وقد أزيلت تلك العقبة بعد المصالحة خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في أوائل العام الماضي.
ومع ذلك، تراجعت جهود التقارب مع الرياض بعد محاكمة 26 مشتبها بهم على صلة بقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وقدر تقرير استخباراتي أمريكي صدر قبل عام أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" وافق على عملية قتل "خاشقجي"، ولطالما نفت الحكومة السعودية هذا الأمر، وقال "أردوغان" علانية إن الأمر بتنفيذ الاغتيال جاء من "أعلى المستويات" في الحكومة السعودية.
وفي الأسبوع الماضي، تم تعليق المحاكمة داخل تركيا ونقلها إلى السعودية لإزالة العقبة الرئيسية أمام التقارب.
وقالت "مونيكا ماركس"، الأستاذة المساعدة لسياسة الشرق الأوسط في جامعة نيويورك أبوظبي، إن "استغلال تركيا لقتل جمال خاشقجي كلف الحكومة السعودية الكثير من المال والكثير من السمعة الدولية".
وكان "أردوغان" قد استثمر الكثير من رأس المال السياسي المحلي في اتخاذ موقف حازم للغاية حيال هذه القضية. لذلك كانت هذه القضية عقبة رئيسية أمام أي تقارب.
وستأتي زيارة "أردوغان" المحتملة، التي لم يتم الإعلان عن موعدها رسميا بعد، في أعقاب زيارة إلى الإمارات في فبراير/شباط الماضي شهدت إضاءة "برج خليفة" الشهير بالعلم التركي وإذاعة النشيد الوطني التركي في جميع أنحاء دبي.
وبالرغم أن "أردوغان" قال إنه سيسافر أيضا إلى السعودية في ذلك الشهر، لكن تلك الرحلة لم تتم حتى الآن، ومع ذلك، ذكرت الصحافة التركية مؤخرا أنه سيقوم بالرحلة خلال شهر رمضان.
وقال "إسماعيل نعمان تيلجي"، نائب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في أنقرة: "تتحدث العديد من وسائل الإعلام عن أن زيارة رفيعة المستوى بين تركيا والسعودية باتت وشيكة. ويمكن القول إن صيغة عملية التطبيع التي تم تطويرها مع الإمارات يمكن تطبيقها أيضا في العلاقات مع السعودية".
وخلال الفترة الماضية، كانت هناك علامات أخرى على بوادر لتحسين العلاقات. فقد التقى وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" نظيره السعودي الشهر الماضي وقال إنه سيتم اتخاذ "خطوات ملموسة" بشأن تحسين العلاقات في الفترة المقبلة.
وتأتي الحملة الدبلوماسية لتركيا بالتزامن مع أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ عقدين من الزمن، وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب تداعيات جائحة "كوفيد-19" وحرب أوكرانيا. وبلغ معدل التضخم الرسمي 61% بينما تراجعت الليرة وفقدت 44% من قيمتها أمام الدولار خلال العام الماضي.
ومن العلامات على الاتجاه نحو تحسن العلاقات الإنهاء الجزئي للمقاطعة السعودية غير رسمية للسلع التركية، والتي أدت إلى خفض صادرات أنقرة للمملكة بنسبة 90%. وبلغت الصادرات إلى المملكة الشهر الماضي 58 مليون دولار، أي 3 أضعاف إجمالي العام السابق، لكنها تمثل جزءا بسيطا من إجمالي 298 مليون دولار في مارس/آذار 2020.
ومن المرجح أن يسعى "أردوغان" إلى تكرار الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع الإمارات في نهاية العام الماضي، بما في ذلك مقايضة عملات بقيمة 4.9 مليار دولار وصندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار.
وسيكون الدعم الاقتصادي السعودي ضروريا لتركيا و"أردوغان"، الذي يواجه انتخابات رئاسية في يونيو/حزيران من العام المقبل. وسيكون وصول الشركات التركية إلى السوق السعودية مربحا كما سيتم فتح الباب أمام السعوديين للسياحة والاستثمار في تركيا، ما يعزز الاقتصاد التركي المتعثر.
وقالت "مونيكا ماركس": "على عكس الإمارات، تعد السعودية سوقا ضخمة. ويمكن تصدير جميع أنواع البضائع التركية إلى المملكة إذا تعززت هذه العلاقة. لذلك فهم لا يبحثون فقط عن استثمارات على غرار الإمارات للمساعدة في دعم اقتصادهم الغارق، ولكن أيضا عن إحياء سوق تصدير مهمة".
لكن أحد الأسئلة المتبقية هو كيف ستبدو علاقة "أردوغان" الشخصية مع "بن سلمان". ومن المتوقع أن تظل هناك فجوة في العلاقة شخصية بين الطرفين، فلن يتبدد انعدام الثقة العميق في وقت قريب.
أضيف بتاريخ :2022/04/16