#تقرير_خاص : انتقام أم محاولة لهز صورة الرئيس الأمريكي؟.. أمور قد تمنع تكرار عقد لقاء بين بايدن وابن سلمان
رائد الماجد...
لم تنتج عن رحلة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" المثيرة للجدل إلى السعودية في منتصف يوليو/تموز الماضي في إطار السعي لإصلاح العلاقات مع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" أي تنازلات سعودية واضحة سواء في زيادة إنتاج النفط أو تحسين حقوق الإنسان والحقوق السياسية داخل المملكة.
بل على العكس من ذلك، فقد قاد الحاكم الفعلي للسعودية الأمير "محمد بن سلمان" حملة لدول "أوبك" للحفاظ على ارتفاع أسعار النفط وفرضت حكومته أحكاما صارخة بالسجن على منتقديه، بما في ذلك ناشطتان سعوديتان أخريان.
رحلة بدون مقابل
كان "بايدن" قبل هذه الزيارة يتجاهل "بن سلمان" كعقاب له على اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في عام 2018، حيث تعهد بجعل الأمير منبوذاً في العالم بسبب ذلك، لكن ارتفاع أسعار البنزين، الذي أدى إلى تضخم قياسي في الولايات المتحدة، غير رأي "بايدن" مع اقتراب انتخابات الكونجرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة القادرة على إنتاج نفط كافٍ لتحقيق تأثير كبير في الأسعار مع امتلاكها لفائض في الطاقة الإنتاجية يبلغ مليون برميل في اليوم.
وتبين أن مناورة "بايدن" قدمت دون أن تأخذ بالمقابل، ففي مقابل تقديم شرعية البيت الأبيض لـ"بن سلمان"، بذل ولي العهد كل جهده للإشارة إلى أنه لن يقدم أي تنازلات للرئيس الأمريكي.
وفي 5 سبتمبر/أيلول المنصرم، قامت "أوبك" وحلفاؤها العشرة، بقيادة روسيا بعكس مسارها، وأنهت الزيادات الشهرية التي وصلت إلى 690 ألف برميل يومياً في أغسطس/آب الماضي، وبدلاً من ذلك أعلنوا عن تخفيض في إنتاجهم الإجمالي بمقدار 100 ألف برميل، كما فوضوا السعودية للقيام بإصلاحات أخرى لوقف الانخفاض في أسعار النفط.
ولم يصنع قرار خفض الإنتاج فرقاً لأن أعضاء "أوبك+" الـ23 لم يتمكنوا أصلاً من مواكبة الزيادات الشهرية السابقة، حيث تخلفوا بما يصل إلى 3.6 مليون برميل في اليوم.
لكن هذا القرار أرسل رسالة سياسية إلى "بايدن" بأنه لا ينبغي أن يتوقع أي زيادة تساعد الحزب الديمقراطي في صناديق الاقتراع في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
إمعاناً في إظهار تجاهله لـ"بايدن"، كانت هناك 3 حالات مؤخراً حكمت فيها المحكمة الجزائية السعودية المتخصصة (التي تتعامل مع قضايا الإرهاب) بزيادة أحكام السجن بشكل صارخ على ناشطتين سعوديتين بعد أن قدمتا استئنافاً، كما حكمت على اثنين من رجال القبائل المعارضين بحكم مدى الحياة تقريباً.
وجاء ذلك بعد تصريح "بايدن" أنه أثار مسألة اغتيال "خاشقجي" أثناء مقابلته مع "ابن سلمان" وقال الرئيس الأمريكي إنه أخبر ولي العهد السعودي مباشرة أنه يعتبره "مسؤولاً شخصياً"، وهو اتهام أنكره ولي العهد مجدداً بالرغم أنه وعد بـ"إصلاحات" (غير محددة) لضمان أن مثل هذا الشيء لن يتكرر مرة أخرى أبداً.
ولم يقدم "بايدن" أي إشارة إلى أنه تلقى وعدا من ولي العهد بتخفيف اضطهاد الناشطين الحقوقيين والسياسيين، وهو الأمر الذي تفاقم منذ زيارة "بايدن"، وربما يكون تصاعد حملة "بن سلمان" القمعية تعود جزئياً إلى ذكر "بايدن" العلني لـ"خاشقجي"، لإظهار أنه لا يعبأ بـ"بايدن".
وفي 9 أغسطس/آب الماضي، قامت محكمة الاستئناف التابعة للمحكمة الجزائية الخاصة بزيادة الحكم المبدئي المفروض على "سلمى الشهاب" بأكثر من 4 أضعاف، و"سلمى" هي طالبة دكتوراه تبلغ من العمر 34 عاماً وأم لطفلين وتدرس في جامعة ليدز في إنجلترا، حيث زاد الحكم من الجبس 8 سنوات إلى 34 سنة.
كانت ردود إدارة "بايدن" على هذه التطورات حذرة بشكل كبيرة، فقد ظل "بايدن" نفسه صامتاً، تاركاً التعليق لوزارة الخارجية التي قالت إنها أجرت "عدداً" من المحادثات مع مسؤولين سعوديين لم تسمّهم للتعبير عن "مخاوفها الكبيرة" بعد زيادة الحكم إلى34 عاماً على "سلمى الشهاب"، وقال البيان: "لقد أوضحنا لهم أن حرية التعبير هي حق إنساني عالمي مكفول لجميع الناس"، لكنها لم تقل شيئاً حتى الآن عن قضية "نورة القحطاني".
ومن المفارقات أن محاولة "بايدن" لإصلاح العلاقات الشخصية مع ولي العهد السعودي (الذي سيكون حاكم السعودية للنصف قرن القادم غالباً)، يبدو أنها جعلت علاقتهما أكثر توتراً وإثارة للجدل، ومن المستبعد أن يجتمع "بايدن" و"بن سلمان" مرة أخرى قريباً، أو حتى يتبادلان التحيات الدافئة على الهاتف خلال الفترة المتبقية لـ"بايدن" في منصبه.
أضيف بتاريخ :2022/10/01