#تقرير_خاص : التحول في الموقف السعودي تجاه اليمن: تداعيات التصعيد وآفاق التهدئة الاقتصادية
عبدالله القصاب
في ضوء الفشل العسكري الأمريكي في البحر الأحمر أمام "أنصار الله"، مارست الولايات المتحدة ضغوطاً شديدة على النظام السعودي للانخراط مجدداً في الحرب اليمنية، وذلك عبر الزج بمرتزقة السعودية والإمارات في معركة جديدة ضد "أنصار الله"، واستسلم النظام السعودي لهذه الضغوط، حيث صعد من حربه الإعلامية والاقتصادية ضد اليمن.
أمام هذا التصعيد، خرج الشعب اليمني في مظاهرات حاشدة عمت صنعاء وباقي المدن اليمنية، مُفوضاً "أنصار الله" بمواجهة العدوان الجديد، وجهت هذه الجموع رسالة واضحة للسعودية وأمريكا بأن الشعب اليمني يقف إلى جانب قيادته في صنعاء، مما اعتبرته السعودية "بيعة جديدة" للقيادة في صنعاء، ما يظهر أنه لا يمكن عزل هذه القيادة عن الشعب أو الرهان على إضعاف دعمها الجماهيري.
حذر خبراء يمنيون وأجانب النظام السعودي من مغبة التصعيد والانسياق خلف العدوان الأمريكي، الذي يهدف إلى توريط السعودية في جولة جديدة من الحرب مع "أنصار الله". فمن السهولة إشعال الحرب، ولكن من الصعوبة تحمل استمرار حرائقها وهي تتمدد وتتسع في كل اتجاه، الأمور بين اليمن والسعودية قد تصل إلى منعطف خطير، يؤثر على المنطقة برمتها ويقوض فرص الاستثمار في السعودية.
القوات المسلحة اليمنية و"أنصار الله" أثبتوا أنهم قوة لا يمكن تجاهلها أو الاستهانة بها. وقد أظهر دعمهم لقطاع غزة أنهم قوة كبرى في المنطقة، مما دفع الكثيرين لتوقع أن يكون الانتقام اليمني عظيماً، بحيث يعطل إنتاج النفط وصادراته بشكل كبير ومخيف، بسبب تطور القدرات العسكرية لليمن، كما يمكن لليمنيين التوغل في الأراضي السعودية والوصول إلى القصور الملكية، بعد أن أثبتوا قدرتهم على الوصول للعمق الإسرائيلي بضرباتهم.
يرى المراقبون أن صفقة "التهدئة الاقتصادية" تعكس تفضيل المملكة للتركيز على أجندة "رؤية 2030"، حيث أن استئناف الحرب مع "أنصار الله" من شأنه أن يعرقل جهود الرياض لتوجيه أكبر قدر ممكن من الموارد إلى برنامجها لتنويع الاقتصاد، تداعيات استئناف الحرب قد تكون كارثية على الاقتصاد السعودي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الحالية.
الطريق إلى الأمام: التركيز على التنمية والتهدئة
إن استجابة السعودية للضغوط الأمريكية واستمرارها في التصعيد العسكري يمكن أن يفاقم الأوضاع ليس فقط في اليمن، بل في المنطقة بأسرها، من المهم للسعودية أن تأخذ بعين الاعتبار التحذيرات والتوصيات الموجهة لها بشأن التصعيد العسكري، فالحرب ليست الحل الأمثل، بل قد تكون التهدئة والتركيز على التنمية الاقتصادية السبيل الأنجع لتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.
إن التحول في الموقف السعودي تجاه اليمن يعكس تحديات معقدة وتوازنات دقيقة، يجب على المملكة أن توازن بين ضغوط الحلفاء وبين مصالحها الوطنية التي تقتضي الحفاظ على الاستقرار وتجنب المزيد من التصعيد العسكري، من خلال التركيز على التهدئة الاقتصادية والتنمية، يمكن للسعودية أن تحقق أهداف "رؤية 2030" بشكل أفضل، مع تجنب مخاطر الحرب والتصعيد غير المحسوب.
أضيف بتاريخ :2024/07/27