#تقرير_خاص: السعودية وحقوق الإنسان: ترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان رغم السجل السيئ
علي الزنادي
عاماً بعد عام، تتزايد انتهاكات السلطات السعودية لحقوق الإنسان، وتتسع دائرة الانتقاد الدولي لسجلها الحقوقي المتدهور. ورغم هذا الوضع المزري، تواصل القيادة السعودية، متمثلة في الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تجاهلها لوضع إصلاحات ملموسة، مما يثير الدهشة في محاولتها الترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
يعتبر مجلس حقوق الإنسان هيئة دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. يتألف المجلس من 47 دولة عضو، يتم انتخابها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات. السعودية، التي فشلت في الحصول على عضوية المجلس في الانتخابات السابقة لعام 2020، تعيد الآن تقديم نفسها للانتخابات القادمة في أكتوبر 2024. ولكن كيف يمكن لدولة ذات تاريخ طويل من الانتهاكات أن تطمح لعضوية هذا المجلس؟
سجل مظلم لانتهاكات حقوق الإنسان
السعودية لها تاريخ طويل من قمع أصوات الناشطين الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، والصحفيين. تستمر المملكة في انتهاك الحقوق الأساسية لمواطنيها عبر عمليات القتل خارج إطار القانون، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، واستخدام برامج التجسس للتعقب والحجب. كان اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018 مثالاً صارخاً على هذا القمع، مما أثار غضباً دولياً لم يسبق له مثيل.
في عام 2020، عندما تولت السعودية رئاسة مجموعة العشرين، حاولت القيادة السعودية استغلال هذا المنصب لتلميع صورتها الدولية. إلا أن المنظمات غير الحكومية والنشطاء في المهجر أحبطوا هذه المحاولة، مطالبين المجتمع الدولي بعدم التساهل مع انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها المملكة.
التناقض بين مشاريع التنمية وقمع الحريات
من المفارقات الكبيرة التي تواجه القيادة السعودية اليوم هو التناقض الصارخ بين مشاريع ولي العهد محمد بن سلمان الطموحة مثل مشروع "نيوم" الضخم، وبين قمع الحريات الأساسية. فالعديد من المواطنين السعوديين، بمن فيهم أعضاء قبيلة الحويطات في منطقة تبوك، قد تعرضوا للتهجير القسري، بل وواجه بعضهم القتل بسبب رفضهم التخلي عن أراضيهم لصالح هذه المشاريع.
كما تستمر السلطات السعودية في استخدام الأحكام القضائية لإسكات النشطاء، حيث تم اعتقال العديد من الأفراد بسبب نشاطهم السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم الحكم عليهم بالسجن المشدد، وفي بعض الحالات بعقوبة الإعدام. ورغم بعض الإصلاحات المعلنة، مثل تقليل استخدام عقوبة الإعدام على الأحداث، فإن هذه الإصلاحات تبقى غير كافية وتشوبها ثغرات قانونية.
دعوة المجتمع الدولي للتحرك
في ظل الوضع العالمي المتوتر اليوم، من الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي، بما في ذلك القادة السياسيين، وقادة الأعمال، والشخصيات المؤثرة في الرياضة والترفيه، إجراءات قائمة على المبادئ للدفاع عن حقوق الإنسان. يجب أن تتصدى هذه الجهات لمحاولات القيادة السعودية تبييض سجلها المؤسف في حقوق الإنسان.
إن محاولة السعودية الترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان تشكل اختباراً للمجتمع الدولي، فهل ستسمح الأمم المتحدة لدولة ذات سجل مظلم في حقوق الإنسان بأن تكون جزءاً من هيئة دولية مسؤولة عن حمايتها؟ أم سيكون هناك رد دولي حازم يرفض هذا الترشح ويطالب بمحاسبة السعودية على انتهاكاتها؟
أضيف بتاريخ :2024/08/10