#تقرير_خاص : السعودية وأمريكا: "ديون غير مسددة" فهل تتأثر علاقتهما؟
رضوى العلوي
كشفت تقارير إعلامية مؤخراً عن ديون مستحقة على المملكة العربية السعودية لصالح وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، والتي تبلغ قيمتها 15 مليون دولار، هذا الدين يعود إلى خدمات قدمتها الولايات المتحدة للقوات الجوية السعودية بين عامي 2015 و2018، وتحديداً فيما يتعلق بعملية تزويد المقاتلات السعودية بالوقود الجوي خلال حربها في اليمن، وعلى الرغم من أن هذا المبلغ لم يتم تسديده حتى الآن، إلا أن العلاقات بين البلدين تبدو متينة في بعض المجالات، حيث أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن رفع الحظر على بيع الأسلحة الهجومية للمملكة، ووافقت على شحنة أولى من الذخائر الجوية.
دين غير مسدد وعلاقة متوترة
إن الدين المتعلق بخدمة تزويد الوقود الجوي للمقاتلات السعودية يعكس إحدى مظاهر التعقيدات التي تمر بها العلاقة بين الرياض وواشنطنـ فقد دعمت الولايات المتحدة السعودية في حربها على اليمن بشكل كبير، خاصة من خلال تقديم دعم لوجستي ومعدات عسكرية، ومن ضمنها تزويد الطائرات بالوقود أثناء العمليات الجوية.
ومع ذلك، فإن عدم سداد هذا الدين البالغ 15 مليون دولار يثير تساؤلات حول التزامات السعودية المالية تجاه حلفائها، وخصوصاً تجاه الولايات المتحدة، التي تعتبر شريكاً استراتيجياً هاماً للمملكة. هذا التأخير في السداد قد يؤثر سلباً على الثقة بين البلدين ويثير الجدل حول الالتزام السعودي بالاتفاقيات الثنائية.
قرار بايدن: رفع الحظر ومواصلة تسليح المملكة
على الرغم من هذه الديون غير المسددة، أعلنت إدارة بايدن عن رفع الحظر الذي فرضته في بداية ولايتها على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية، وذلك في خطوة قد تثير التساؤلات حول السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. هذا القرار يأتي وسط مطالبات حقوقية وسياسية بضرورة إعادة تقييم العلاقة مع الرياض، خاصة بعد تورطها في الحرب المستمرة في اليمن التي تسببت في أزمة إنسانية كبيرة.
إعلان إدارة بايدن عن المصادقة على شحنة أولى من الذخائر الجوية يُعدّ إشارة إلى أن الولايات المتحدة تضع المصالح الاستراتيجية فوق الاعتبارات المالية المؤقتة. فالولايات المتحدة ترى في السعودية حليفاً قوياً في مواجهة إيران، وداعماً للاستقرار الإقليمي، وهو ما يجعلها تتجاوز قضايا مثل الديون غير المسددة عندما يتعلق الأمر بالتعاون العسكري.
مستقبل العلاقة بين السعودية وأمريكا
على الرغم من تزايد الانتقادات حول السعودية بسبب تدخلها العسكري في اليمن وتأخرها في تسديد ديونها، إلا أن العلاقات بين البلدين تبدو مستقرة إلى حد كبير. فالدعم العسكري الأمريكي للسعودية لا يقتصر فقط على مبيعات الأسلحة، بل يمتد إلى الشراكة الأمنية والاستخباراتية، وكذلك التعاون في مكافحة الإرهاب.
لكن مع ذلك، يمكن القول إن عدم سداد الديون يُظهر جانباً آخر من التوترات الكامنة في العلاقة، خاصة وأن السياسة الأمريكية تجاه المنطقة قد تتغير مع تغير الإدارات، فإذا استمرت السعودية في التهرب من التزاماتها المالية أو تأخرت في الوفاء بتعهداتها، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة النظر في بعض جوانب الشراكة، خاصة تلك المتعلقة بالدعم العسكري واللوجستي.
هل يمكن للديون أن تؤثر على صفقات السلاح المستقبلية؟
من المؤكد أن التباطؤ السعودي في سداد الديون قد يثير استياء البعض في واشنطن، لكن من غير المتوقع أن يؤثر ذلك بشكل كبير على صفقات السلاح الكبرى، فالعلاقة بين البلدين تستند إلى مصالح استراتيجية عميقة تتجاوز قضايا مالية محدودة، ومع ذلك، قد تكون هناك ضغوط من الكونغرس أو من الأوساط السياسية الأمريكية لمساءلة السعودية حول هذه الديون، ما قد يضع قيوداً جديدة على صفقات السلاح في المستقبل.
إن العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة تواجه اختباراً جديداً في ظل الديون غير المسددة والمصادقة على صفقات سلاح جديدة، وعلى الرغم من أن الدين البالغ 15 مليون دولار قد يبدو صغيراً مقارنة بحجم التعاون العسكري بين البلدين، إلا أنه يعكس جانباً من التحديات المالية والسياسية التي قد تؤثر على الثقة بين الطرفين. ومع ذلك، تظل المصالح الاستراتيجية المشتركة حافزاً لاستمرار التعاون الوثيق بين البلدين، رغم التوترات المحتملة.
أضيف بتاريخ :2024/08/24