#تقرير_خاص : حزب الله: من 2006 إلى 2024 – تطور القدرات العسكرية وتغير قواعد الاشتباك
عبدالله القصاب
بعد الهجوم الذي شنه حزب الله يوم 25 آب 2024، رداً على اغتيال القيادي البارز فؤاد شكر في بيروت، عاد الحديث مجدداً عن القدرات العسكرية للحزب، وتحديداً في مقارنة بين قدراته خلال حرب تموز 2006 والمرحلة الراهنة. هذه المقارنة تُظهر الفارق الكبير في الإمكانات العسكرية والقدرات التكتيكية التي جعلت حزب الله لاعباً إقليمياً بارزاً يخشاه الاحتلال الإسرائيلي.
قدرات حزب الله في 2006: قوة صاعدة رغم التحديات
عندما اندلعت حرب 2006، كانت القوة العسكرية لحزب الله تعتمد بشكل رئيسي على الصواريخ غير الموجهة، مع تقديرات تشير إلى امتلاكه نحو 15 ألف صاروخ وقذيفة، معظمها قصيرة المدى، غير دقيقة، وغير قادرة على الوصول إلى المدن الإسرائيلية الكبرى مثل تل أبيب، بالرغم من هذه القيود، شكلت هذه الترسانة تحدياً غير مسبوق للاحتلال الإسرائيلي، حيث تعرضت مدن شمالي فلسطين المحتلة لقصف مستمر خلال الحرب.
إحدى أبرز قدرات الحزب في تلك الحرب كانت العمليات البرية، حيث تمكن مقاتلوه من إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الإسرائيلية رغم تفوقها الجوي والبرّي، مستخدمين تكتيكات حرب العصابات والأسلحة المضادة للدبابات التي أثبتت فعالية كبيرة، ومع ذلك، كانت هناك تحديات كبيرة فيما يتعلق بالدقة والمدى.
نقلة نوعية في القدرات: حزب الله في 2024
بحلول عام 2024، طرأ تغير جذري في قدرة حزب الله العسكرية، تقرير مجلة "إيكونوميست" أشار إلى أن الحزب أصبح أفضل استعداداً لخوض حرب شاملة مقارنة بما كان عليه في 2006، وهذا التطور يشمل جوانب متعددة:
القوة النارية والدقة: في حين كانت الصواريخ غير الموجهة هي السمة البارزة في 2006، تطورت ترسانة الحزب لتشمل الآن صواريخ دقيقة وقادرة على الوصول إلى تل أبيب وربما أبعد من ذلك، الدقة باتت عاملاً حاسماً، حيث أظهرت عمليات الحزب استخدامه لطائرات مسيرة صغيرة لتحديد الأهداف، وأخرى أكبر لضربها بدقة.
الطائرات المسيرة: يعد استخدام الطائرات المسيرة واحدة من أكثر التطورات المقلقة بالنسبة لإسرائيل. فقد استطاع الحزب بناء قوة جوية مصغرة تعتمد على طائرات مسيرة إيرانية الصنع مثل "شاهد 136"، ما يمكنه من استهداف عمق الكيان الصهيوني دون الاعتماد على الصواريخ التقليدية فحسب.
قدرات برية معززة: أحد الجوانب التي ركز عليها حزب الله خلال السنوات الماضية هو تعزيز قدراته البرية، المجاميع الخاصة التابعة له باتت قادرة على التوغل لمسافة تصل إلى 20 كيلومتراً داخل فلسطين المحتلة، مما يمثل تهديداً مباشراً للمستوطنات الحدودية والقوات الإسرائيلية.
تضاعف حجم الترسانة: بينما كان لدى الحزب حوالي 15 ألف صاروخ في 2006، تشير التقديرات في 2024 إلى تضاعف هذا الرقم عشر مرات على الأقل، ليصل إلى ما يزيد عن 150 ألف صاروخ، مما يمنح الحزب القدرة على شن هجمات طويلة الأمد وشاملة.
التكتم والسرية في استراتيجيات التسليح
إحدى أهم سمات حزب الله هي التكتم حول قدراته العسكرية، ورغم التسريبات والتقارير الغربية التي تتحدث عن نوعية الأسلحة، إلا أن الحزب يحافظ على سرية جزء كبير من قدراته، كما حدث مع صاروخ C-802 الذي لم يُعلن عن استخدامه حتى بعد 13 عاماً من حرب 2006، هذا التكتم يشكل تحدياً كبيراً لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والغربية، ويزيد من حالة عدم اليقين حول مدى التطور الذي حققه الحزب.
دلالات الهجوم الأخير وتغير قواعد الاشتباك:
هجوم حزب الله في آب 2024 جاء ليؤكد أن الحزب مستعد للرد في أي وقت رغم الضغوط والمفاوضات الجارية، استهداف أهداف نوعية داخل "إسرائيل"، والنجاح في إحداث شلل مؤقت في العديد من القطاعات الحيوية مثل مطار بن غوريون، يكشف عن تطور نوعي في استراتيجيته العسكرية.
رد الحزب جاء في وقت كان فيه الاحتلال الإسرائيلي في حالة استنفار قصوى، مما يدل على أن المقاومة اللبنانية لم تتأثر بتلك التدابير أو التحذيرات، وأنها باتت تعتمد استراتيجية هجومية أكثر جرأة وتعقيداً.
حزب الله قوة لا يستهان بها في 2024:
مقارنة بين قدرات حزب الله في عامي 2006 و2024 توضح أن الحزب انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم المتطور، قوته النارية أصبحت أكثر دقة، ترسانته تضاعفت عشرات المرات، وتكتيكاته تطورت بشكل يعزز من تهديده الاستراتيجي لـ"إسرائيل"، في ظل هذا التطور، يبدو أن أي مواجهة قادمة ستكون أكثر شدة وخطورة، مع احتمالات كبيرة لتغيير جذري في قواعد الاشتباك بين الطرفين.
أضيف بتاريخ :2024/08/26