التقارير

#تقرير_خاص: محمد بن سلمان: اتصالات سياسية لتهدئة الرأي العام حول موقفه من حرب غزة 


رضوى العلوي

في الوقت الذي تتصاعد فيه الأعمال العدائية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، يُظهر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تناقضاً كبيراً بين تصريحاته واتصالاته السياسية بشأن النزاع، وبين توجهاته الفعلية على أرض الواقع. 
بينما يدعي ابن سلمان أنه يسعى للضغط على إسرائيل لوقف جرائمها في فلسطين المحتلة، تبرز مشاهد الحفلات والفعاليات الترفيهية التي تنظمها المملكة بشكل مستمر، ما يثير تساؤلات حول الأولويات الحقيقية لولي العهد في هذه المرحلة الحساسة.

اتصالات سياسية وتظاهر بالدعم:
خلال الأسابيع الأخيرة، كثّف ولي العهد السعودي اتصالاته الدولية، حيث بحث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الوضع في فلسطين المحتلة، في محاولة لإظهار موقفه الداعم للفلسطينيين، والرئاسة التركية أعلنت أن هذه المحادثات تناولت "أعمال الإبادة الإسرائيلية" والقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة، مما أعطى انطباعاً بأن محمد بن سلمان يقف إلى جانب الفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

مأزق السعودية في ظل العدوان الإسرائيلي:
التصعيد المستمر في غزة وضع ولي العهد السعودي في موقف محرج، من جهة، تسعى السعودية إلى تحسين علاقتها مع "إسرائيل" من خلال اتفاق تطبيع يمكن أن يؤدي إلى تحالف أمني مع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، ولكن من جهة أخرى، تجد الرياض نفسها في موقف لا تحسد عليه، حيث لا تستطيع المضي قدماً في هذا التطبيع عندما تستمر "إسرائيل" في قصف المدنيين في غزة ورفض الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.

تردد السعودية في مواجهة العدوان:
رغم هذه الاتصالات الدبلوماسية، يبدو أن المملكة مترددة في اتخاذ موقف حازم ضد "إسرائيل" حتى الآن، لم تظهر السعودية أي خطوات ملموسة لقيادة تحرك إقليمي فعال لمواجهة العدوان الإسرائيلي، هذا التردد يعزز الشكوك حول مدى جديتها في دعم القضية الفلسطينية، خاصة أن التطورات الأخيرة في غزة قد أثرت بشكل مباشر على طموحات السعودية في تحقيق تطبيع العلاقات مع إسرائيل في المستقبل القريب.

التركيز على الترفيه بدلاً من غزة:
في الوقت الذي يعاني فيه المدنيون الفلسطينيون من العدوان الإسرائيلي المستمر، تستمر المملكة في استضافة الفعاليات الرياضية والفنية الكبرى، وكأن ما يجري في غزة بعيد كل البعد عن اهتماماتها، يتزامن هذا الانشغال بالفعاليات مع تصاعد الصراع في الأراضي الفلسطينية، مما يعكس تبايناً كبيراً بين الخطاب السياسي والدعم الفعلي على الأرض.

محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى تقديم نفسه كلاعب سياسي دولي مؤثر، يجد نفسه في مواجهة معضلة حقيقية، من ناحية، يحتاج إلى الحفاظ على صورته في العالم الإسلامي كمدافع عن حقوق الفلسطينيين، ومن ناحية أخرى، لا يريد أن يفقد فرصته في إقامة علاقات أقوى مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، وهي خطوة قد تكون محورية لطموحاته الإقليمية والدولية.

التناقض بين الأقوال والأفعال:
بالمحصلة، تبدو سياسات محمد بن سلمان تجاه غزة مليئة بالتناقضات، ففي حين يظهر على المسرح الدولي كرجل دولة يتصل بالقادة السياسيين لمناقشة التطورات في فلسطين، إلا أن سياسات الترفيه والفعاليات في المملكة تعكس انشغالاً بعيداً عن معاناة الفلسطينيين، هذا التناقض يطرح تساؤلات عميقة حول جدية المملكة في دعم القضية الفلسطينية، ومدى استعدادها للوقوف بوجه "إسرائيل" في ظل هذه الظروف المعقدة.

يبقى السؤال: هل ستكون هذه الاتصالات الدبلوماسية مجرد واجهة لتهدئة الرأي العام العربي والإسلامي، أم أن السعودية ستتخذ خطوات حقيقية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة؟ الوقت وحده سيكشف الحقيقة.

أضيف بتاريخ :2024/09/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد