#تقرير_خاص: التصعيد العسكري بين “إسرائيل” وحزب الله: هل يقود المنطقة نحو حرب شاملة؟
رضوى العلوي
في ظل التصعيد المستمر بين “إسرائيل” وحزب الله، تتزايد التساؤلات حول مستقبل المنطقة والمخاطر المحتملة من انزلاق الأمور نحو حرب شاملة، الهجمات المتبادلة التي بدأت منذ أكثر من عام وصلت إلى ذروتها في الأيام الأخيرة، مع تنفيذ “إسرائيل” لغارات جوية مكثفة على لبنان، وتصعيد حزب الله ردوده الصاروخية على العمق الإسرائيلي، ومع تحذيرات أمريكية لـ"إسرائيل" بأن تكثيف الضربات الجوية قد يعجل بدخول المنطقة في حرب واسعة، تبرز أسئلة حول استراتيجية كلا الطرفين، ودور القوى الإقليمية والدولية في احتواء هذا الصراع.
التصعيد الإسرائيلي: "ضرب القوة لفرض السلام"؟
في تقرير نشرته مجلة "Politico"، أعرب مسؤولون أمريكيون عن قلقهم من أن “إسرائيل” قد تكون على وشك دفع المنطقة نحو حرب شاملة من خلال تكثيف ضرباتها الجوية ضد حزب الله، على الرغم من التحذيرات، مضت “إسرائيل” في استراتيجيتها العسكرية، مبررة ذلك بأنها تهدف إلى فرض تسوية دبلوماسية عبر "التصعيد لخفض التصعيد"، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين، الضربات المكثفة تهدف إلى إجبار حزب الله على الجلوس إلى طاولة المفاوضات من موقع ضعف، وهو ما يعكس عقلية “إسرائيل” في التعامل مع التهديدات الأمنية عبر القوة العسكرية المفرطة.
إلا أن نتائج هذه الاستراتيجية حتى الآن تبدو بعيدة عن تحقيق أهدافه، فبدلاً من إضعاف حزب الله، أظهرت ردود الحزب وتصاعد هجماته الصاروخية أنه ليس على استعداد للخضوع للضغوط الإسرائيلية، ووفقاً لتقارير من "نيويورك تايمز"، قادة حزب الله أعلنوا بشكل واضح أنهم لن يتوقفوا عن الهجمات حتى يتم التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، لا سيما في غزة.
حزب الله: حرب استنزاف لفرض توازن الرعب
منذ بداية التصعيد، اتبع حزب الله استراتيجية تصعيدية مضادة، حيث استهدف عمق “إسرائيل” برشقات صاروخية هي الأعمق منذ سنوات، موجهاً ضربات دقيقة لمطارات وقواعد عسكرية إسرائيلية، هذه الاستراتيجية ليست جديدة، إذ يعتمد حزب الله منذ سنوات على تكتيكات حرب الاستنزاف لفرض نوع من توازن الرعب بينه وبين "إسرائيل"، وهو ما تجلى بشكل واضح في هذه الجولة من المواجهات.
الهجمات التي نفذها حزب الله على مطار مجيدو العسكري وقاعدة رامات دافيد الجوية، بالإضافة إلى استهداف مناطق عدة في الجليل وصفد وحيفا، تظهر قدرته على تنفيذ هجمات نوعية تشكل تهديداً حقيقياً لـ"إسرائيل"، ما يدفع للتساؤل: هل تستطيع “إسرائيل” فعلاً تحقيق أهدافها من خلال التصعيد العسكري، أم أن حرباً شاملة ستؤدي إلى تداعيات كارثية على المنطقة؟
الولايات المتحدة بين التحذير والدعم المحدود
الموقف الأمريكي تجاه التصعيد الإسرائيلي-حزب الله يعكس تبايناً داخل الإدارة الأمريكية نفسها، فبينما يدعم بعض المسؤولين في البيت الأبيض الضربات الإسرائيلية باعتبارها جزءاً من "الحق في الدفاع عن النفس"، يبدي مسؤولون في البنتاغون وأجهزة الاستخبارات شكوكهم حول فعالية هذه الاستراتيجية، هؤلاء المسؤولون يرون أن التصعيد قد يؤدي إلى تفجير المنطقة بأسرها، وأن الحل الدبلوماسي ما يزال ممكناً لو أبدت “إسرائيل” مرونة أكبر.
على الرغم من ذلك، يبدو أن “إسرائيل” ماضية في خطتها التصعيدية دون الالتفات للتحذيرات الأمريكية بشكل كامل. هذا الخلاف بين الحليفين الأساسيين في الشرق الأوسط قد يشير إلى تعقيد الوضع الإقليمي، خاصة مع دخول قوى أخرى مثل إيران وروسيا على خط التأثير في المعادلة الإقليمية.
السيناريوهات المحتملة: هل نحن أمام حرب شاملة؟
لا شك أن الوضع الحالي ينذر بتفاقم العنف، حيث تسود حالة من عدم اليقين حول ما إذا كانت “إسرائيل” وحزب الله سيتجهان نحو تهدئة، أم أن الأمور ستخرج عن السيطرة. التصعيد الإسرائيلي في لبنان والردود الصاروخية من حزب الله قد يؤديان إلى مواجهات أوسع نطاقاً، ما يجر المنطقة بأسرها إلى حرب شاملة، لا سيما إذا قررت إيران الدخول في المواجهة لدعم حليفها اللبناني.
وفي حين تسعى إدارة بايدن إلى تجنب هذا السيناريو الكارثي، فإن استمرار المواجهات يزيد من احتمالات انهيار أي جهود دبلوماسية، لا سيما مع تصلب مواقف الطرفين.
يبدو أن الحل الوحيد لتجنب الانزلاق نحو حرب شاملة يكمن في المساعي الدبلوماسية، وهو ما يتطلب إرادة سياسية من كلا الطرفين، بالإضافة إلى ضغط دولي حقيقي لوقف العنف، ومع ذلك، فإن الأوضاع الحالية تشير إلى أن التصعيد قد يستمر لفترة أطول مما كان متوقعاً، خاصة مع عدم رغبة أي من الطرفين في تقديم تنازلات حقيقية.
الأيام المقبلة ستكون حاسمة، فإما أن يتم التوصل إلى هدنة مؤقتة عبر الوساطة الدولية، أو أن يتفاقم الوضع بشكل يؤدي إلى تداعيات كارثية على المنطقة بأسرها.
أضيف بتاريخ :2024/09/28