التقارير

#تقرير_خاص: التوغل البري الإسرائيلي في لبنان: مخاطرة غير محسوبة أم معركة وجودية؟

فاطمة مويس

يبدو أن التصعيد الحالي بين "إسرائيل" والمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله قد أخذ منعطفاً خطيراً بعد بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية توغل بري في جنوب لبنان، وهي خطوة تعكس خططاً ميدانية قديمة لطالما كانت على طاولة القيادة العسكرية الإسرائيلية، ورغم أن هذا التوغل يهدف بشكل واضح إلى تحقيق مكاسب عسكرية وتدمير قدرات حزب الله الصاروخية، إلا أن المعركة تتخذ طابعاً أكثر تعقيداً مما قد يبدو على السطح.

الأهداف العسكرية الإسرائيلية والصعوبات الميدانية:

المحللون العسكريون الإسرائيليون، مثل عاموس هارئيل، يرون أن التوغل البري الإسرائيلي ليس مهمة سهلة، إذ أن حزب الله قد استعد جيداً لمثل هذه السيناريوهات منذ سنوات، فالقوات الإسرائيلية تواجه تضاريس صعبة ومقاتلين مدربين على حرب العصابات، ما يجعل التوغل في عمق جنوب لبنان محفوفاً بالمخاطر. 

علاوة على ذلك، فإن قتال المدن والمناطق الوعرة، بما فيها مناطق مثل العديسة، قد يتسبب بخسائر كبيرة في صفوف القوات الإسرائيلية، وهو ما حدث بالفعل في اليوم الثاني من العملية حيث سقط عدد من الجنود الإسرائيليين في كمين لحزب الله.

هل تستطيع “إسرائيل” تحقيق أهدافها؟
تحتفظ “إسرائيل” بقدرات عسكرية هائلة، ولكن كما أشار العميد المتقاعد عادل مشموشي، في مقالة نشرتها صحيفة “الإندبندنت عربي”، فإن تحقيق أهداف توغل بري بعمق 20-25 كيلومتراً لن يكفي لضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية من صواريخ حزب الله، فالحزب يمتلك قدرات صاروخية متوسطة وبعيدة المدى قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة تُعد تهديداً دائماً، إذا كانت “إسرائيل” تأمل في القضاء على القدرات الصاروخية لحزب الله، فقد تجد نفسها عالقة في مواجهة طويلة الأمد ومعقدة.

المقاومة كعامل ردع:
من جهة أخرى، تؤكد المقاومة اللبنانية على أن أي توغل إسرائيلي لن يمر دون رد قاسٍ، حزب الله الذي استطاع أن يصمد في العديد من المواجهات السابقة، أثبت في أول يوم من التوغل قدرته على نصب الكمائن وتكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة. 
هذه الخسائر، كما أشار إبراهيم الأمين رئيس تحرير صحيفة "الأخبار"، قد تؤدي إلى إعادة تقييم الأولويات الإسرائيلية، إذ أن حزب الله يرى نفسه يخوض حرباً وجودية، وهو مستعد للرد بعنف على أي محاولة لفرض الإرادة الإسرائيلية بالقوة.

ماذا بعد؟
التوغل البري الإسرائيلي قد يكون مخاطرة غير محسوبة، إذ أن “إسرائيل” تتورط في صراع معقد قد يؤدي إلى تصعيد أكبر يشمل إيران وفصائل المقاومة الأخرى، رد إيران على اغتيال السيد نصر الله قد يكون مثالاً على ذلك، حيث استهدفت إيران الأراضي المحتلة بصواريخ باليستية، وهو ما يجعل الصراع أكبر من كونه مجرد مواجهة بين حزب الله و"إسرائيل"، هذه التطورات تطرح تساؤلات حول مدى استدامة هذا التصعيد وما إذا كانت المنطقة ستنزلق نحو مواجهة شاملة لن تكون "إسرائيل"، ولا حتى العالم، بمنأى عن تداعياتها.

"إسرائيل" قد تجد نفسها عالقة في معركة طويلة الأمد لن تحقق فيها انتصاراً سريعاً أو سهلاً، التوغل البري في جنوب لبنان، رغم استعراض القوة، يواجه تحديات ميدانية ومعنوية كبيرة، وحزب الله أثبت مرة أخرى أن لديه القدرة على الردع والقتال المستمر، المنطقة بأكملها قد تتجه نحو مرحلة جديدة من التصعيد، قد تتجاوز حدود لبنان لتشمل صراعاً أوسع في الشرق الأوسط.

أضيف بتاريخ :2024/10/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد