التقارير

#تقرير_خاص: الحياد الخليجي في صراع إيران وإسرائيل: تكتيك استراتيجي أم حماية للمصالح؟

 

علي الزنادي

وسط أجواء متوترة وتصعيد متسارع بين إيران و"إسرائيل"، تُعزز دول الخليج العربية موقفها الحيادي في الصراع بين الجانبين، وهو موقف قد يبدو للوهلة الأولى تكتيكياً عابراً، لكنه في الواقع يعكس توجهاً استراتيجياً عميقاً يهدف إلى حماية أمنها ومصالحها في ظل تقلبات السياسة الإقليمية والدولية.

في الأسابيع الأخيرة، شهد الشرق الأوسط تصعيداً خطيراً بعد استشهاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله، وقبله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في غارات تبنتها "إسرائيل"، تلاها إطلاق إيران صواريخ على "إسرائيل" كرد فعل عنيف، هذا التصعيد فتح الباب واسعاً أمام احتمال اندلاع حرب شاملة، قد تطال الجميع، لكن دول الخليج العربية وقفت على مسافة متساوية من الطرفين المتنازعين، مُعلنة بشكل واضح موقف الحياد.

لماذا الحياد الآن؟

الموقف الخليجي بالحياد لم يأتِ من فراغ؛ فالدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، تدرك تماماً أن الدخول في صراع مباشر مع أي طرف سيجر المنطقة بأكملها إلى كارثة أمنية واقتصادية لا تُحمد عقباها، الدول الخليجية أصبحت تدرك أن مصالحها تتطلب الابتعاد عن الاستقطابات الحادة في المنطقة، خاصة مع وجود تهديدات بضرب منشآت نفطية قد تؤثر بشكل كبير على اقتصادها الحيوي.

فالسعودية، على سبيل المثال، تتطلع إلى إنهاء الخلافات مع إيران بشكل نهائي، كما صرّح وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، وهي إشارة إلى تحول استراتيجي في السياسة الإقليمية بعد سنوات من التوتر بين البلدين، هذا الحياد يعكس نضجاً سياسياً ووعياً بمخاطر الانزلاق في مغامرات عسكرية غير محسوبة النتائج.

التحالفات العسكرية: مشروع أميركي – إسرائيلي يتلاشى؟

منذ سنوات، تسعى الولايات المتحدة و"إسرائيل" إلى إنشاء تحالف عسكري شرق أوسطي يضم الدول العربية و"إسرائيل" في مواجهة إيران، لكن الإعلان الخليجي الأخير في الدوحة حول عدم السماح باستخدام قواعدها العسكرية لضرب إيران وجّه ضربة قوية لهذا المشروع، لقد كان الحلم الأميركي الإسرائيلي ببناء تحالف عربي – إسرائيلي يبدو قريب المنال في عهد إدارة دونالد ترامب، إلا أن الأحداث الأخيرة أثبتت أن هذا التحالف بعيد عن التحقق، مع تفضيل دول الخليج الابتعاد عن صراعات لا تعود عليها إلا بالخراب.

الموقف الخليجي المعلن يؤكد أن دول الخليج تسعى للتهدئة، وليس للتصعيد، فهي لا تريد أن تصبح ساحة حرب ولا ترغب في أن تتحول منشآتها النفطية، التي تشكل شرياناً اقتصادياً رئيسياً للعالم، إلى أهداف عسكرية محتملة.

الحياد كوسيلة للحفاظ على الاستقرار

الحياد ليس مجرد خطوة تكتيكية لدول الخليج، بل هو وسيلة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتجنب الانجرار إلى بالإضافة إلى ذلك، فإن دول الخليج تعمل جاهدة على تنويع اقتصادياتها بعيداً عن الاعتماد الكلي على النفط، وهي بحاجة إلى بيئة مستقرة تمكنها من تحقيق أهدافها التنموية، لذلك، قد يكون الحياد ضرورة ملحة وليس مجرد اختيار سياسي.

في النهاية، هل الحياد موقف دائم؟

رغم أن موقف الحياد الخليجي يبدو صلباً في الوقت الحالي، إلا أنه قد يتغير مع تغير المعطيات على الأرض، ففي حال تطور الصراع الإيراني – الإسرائيلي إلى حرب شاملة، قد تجد هذه الدول نفسها مجبرة على إعادة النظر في سياساتها، لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن دول الخليج قد نجحت في تجنب الانخراط في صراعات لا تعود عليها إلا بالمزيد من الخسائر.

أضيف بتاريخ :2024/10/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد