التقارير

#تقرير_خاص: عام على طوفان الأقصى: هل اهتزت قوة الردع الإسرائيلية؟

 

رضوى العلوي

في السابع من أكتوبر 2023، شهدت المنطقة واحدة من أكثر اللحظات حرجاً في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حين أطلقت الفصائل الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" التي باغتت "إسرائيل" بعدد هائل من الصواريخ وعمليات اقتحام للمستوطنات عبر الجو والبر. اليوم، وبعد مرور عام كامل على هذا الحدث المحوري، ما زالت التوترات مشتعلة على أكثر من جبهة، في حين يجري الحديث داخل الأوساط الإسرائيلية عن النتائج المتواضعة لهذه الحرب، بل وعن اهتزاز قوة الردع الإسرائيلية أمام المقاومة الفلسطينية.

حماس.. المقاومة الصامدة

على الرغم من الحملات العسكرية المكثفة التي شنتها "إسرائيل" خلال العام المنصرم، لم تنجح في تحقيق أهدافها الرئيسية، وفقاً لتصريحات اللواء في احتياط الجيش الإسرائيلي غدي شمني، لم تتمكن "إسرائيل" من "إخضاع حماس" أو إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بل على العكس، أظهرت حماس قدرتها على الصمود وتطوير قدراتها العسكرية، مما يطرح تساؤلات حول فعالية النهج الإسرائيلي في التعامل مع المقاومة الفلسطينية.

النجاحات التي حققتها حماس على مدار العام، سواء عبر الاحتفاظ بمخزون كبير من الأسلحة أو الحفاظ على قدرتها الإنتاجية الذاتية للأسلحة والمتفجرات، أثبتت أن الحركة ليست مجرد فصيل مسلح، بل قوة مقاومة نمت في ظل حصار شديد، مستغلة الموارد المتاحة، ومعتمدة على تكتيكات جديدة غير تقليدية، كما أكدت التقارير العبرية، مثل تلك التي نشرتها "واشنطن بوست"، أن المقاومة الفلسطينية نجحت في بناء شبكة من الورش الصغيرة التي تصنع فيها الأسلحة بطرق بسيطة وفعالة.

الجبهة الشمالية... التحدي الأكبر لـ"إسرائيل"

مع تعاظم قدرات حزب الله في لبنان واستمراره في دعم المقاومة الفلسطينية، أصبح الجيش الإسرائيلي يواجه تحدياً مزدوجاً، فإلى جانب جبهة غزة، هناك جبهة الشمال التي تلوح في الأفق كتهديد استراتيجي خطير. وفقاً لشمني، فإن الوجود الإسرائيلي في كل حي وزقاق في غزة بات غير ممكن في ظل التحديات المتزايدة على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

هذا الوضع المعقد دفع بعض القادة العسكريين الإسرائيليين، مثل يوم طوف سميا، إلى التشكيك في جدوى القرارات السياسية المتعلقة بالحرب، محذرين من تأثيراتها السلبية على الاقتصاد، والقدرة العسكرية، واستمرار التجنيد في الجيش، ويبدو أن "إسرائيل" دخلت في حرب طويلة الأمد، تتعارض مع عقيدتها الأمنية التي تفضل الحروب القصيرة والاستراحات الطويلة بينها.

التهديد الداخلي.. المستوطنات على المحك:

التصعيد المستمر في الضفة الغربية، وارتفاع وتيرة العمليات المسلحة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية، كشف عن فشل السياسات الإسرائيلية في تحقيق الأمن لمستوطنيها. وفقاً لتقرير قناة "I24" العبرية، فإن التهديد بتنفيذ هجمات دامية داخل المستوطنات أصبح واقعاً يومياً، مما يخلق حالة من القلق المستمر لدى الإسرائيليين في الضفة، هذا الأمر يعزز احتمالية اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، قد تكون أكثر تعقيداً وشمولاً من سابقاتها.

التحالفات الإقليمية.. وحدة المقاومة

اللافت في هذا العام كان التلاحم الإقليمي بين فصائل المقاومة الفلسطينية وحركات المقاومة في لبنان والعراق واليمن، بالإضافة إلى الدعم الإيراني المباشر، الذي أعلن عنه بشكل واضح عبر هجمات صاروخية على مواقع إسرائيلية، هذا الدعم المتعدد الجبهات يُظهر أن المقاومة لم تعد مقتصرة على غزة أو الضفة، بل أصبحت حركة إقليمية متماسكة، تسعى إلى تقويض الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.

تصريحات حزب الله حول هشاشة الكيان الإسرائيلي وافتقاره إلى قدرة البقاء بدون الدعم الأمريكي، تُعتبر إشارة واضحة إلى أن المقاومة باتت ترى في وحدة الصف والجبهات المتعددة قوة استراتيجية لمواجهة إسرائيل، بل وتحرير فلسطين.

هل انتهى عصر الردع الإسرائيلي؟

بعد عام كامل على "طوفان الأقصى"، يبدو أن "إسرائيل" لم تعد تتمتع بذات القوة الرادعة التي كانت تفرضها على خصومها في الماضي، الانتصارات التكتيكية التي حققتها الفصائل الفلسطينية وحلفاؤها في المنطقة، سواء على مستوى العمليات الميدانية أو الدعم الإقليمي، قد تؤدي إلى تغيير جذري في طبيعة الصراع في المنطقة.

في النهاية، يبقى السؤال: هل يستطيع الكيان الإسرائيلي الاستمرار في سياسته الحالية أم أن التغيرات الميدانية والسياسية ستحتم عليه إعادة النظر في استراتيجيته؟ قد يكون الجواب مرهوناً بمدى قدرة المقاومة على مواصلة الضغط وتصعيد عملياتها، وربما الأهم، مدى استعداد إسرائيل لتقبل حقائق جديدة على الأرض.

أضيف بتاريخ :2024/10/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد