#تقرير_خاص: فشل السعودية في الفوز بمقعد بمجلس حقوق الإنسان: هل بدأت دول العالم تعيد تقييم علاقاتها مع الرياض؟
رضوى العلوي
في خطوة تعكس تغيرًا في المشهد الدبلوماسي الدولي، فشلت السعودية مرة أخرى في محاولتها للفوز بمقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لتتلقى ضربة قوية لمساعيها الرامية إلى تحسين صورتها الحقوقية على الساحة الدولية. جاء هذا الفشل بفارق ضئيل، بعدما حصلت المملكة على 117 صوتًا فقط، بينما ذهبت المقاعد الخمسة الشاغرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى قبرص، جزر مارشال، قطر، كوريا الجنوبية، وتايلاند. هذا الإخفاق ليس الأول من نوعه، حيث سبق وأن فشلت السعودية في محاولات مماثلة قبل أربع سنوات، مما يثير تساؤلات حول مدى فاعلية جهودها الدبلوماسية وتوجهاتها السياسية الداخلية.
السعودية بين الإصلاحات والتجاوزات
في السنوات الأخيرة، تبنت السعودية مشاريع طموحة لتغيير صورتها على الصعيد الدولي، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ضمن "رؤية 2030". هذه الخطة تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز اقتصادي وسياحي عالمي، مع تحسين سياساتها الاجتماعية والثقافية. ومنذ ذلك الحين، شهدنا تطورات كبيرة مثل تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، والسماح بفتح دور السينما وإقامة الحفلات الموسيقية.
لكن، وعلى الرغم من هذه الإصلاحات، لا يزال سجل حقوق الإنسان في المملكة محط انتقاد من قبل العديد من المنظمات الدولية. وفقاً لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن السعودية تستخدم عقوبة الإعدام بشكل واسع وتستمر في انتهاك حقوق المعارضين والناشطين الحقوقيين. هذا الفارق بين الإصلاحات الظاهرية والقمع الداخلي يبدو أنه أصبح أكثر وضوحاً على الساحة الدولية، حيث باتت الدول تتردد في دعم المملكة في محافل حقوق الإنسان.
مجلس حقوق الإنسان ومعايير الانتخاب
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يتطلب من الدول الأعضاء الالتزام بمعايير صارمة لحقوق الإنسان، ويتيح عملية التصويت للدول على أساس سرّي، حيث يتطلب الأمر تمثيلاً جغرافيًا عادلًا. في هذه الانتخابات، تنافست السعودية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي شملت ستة مرشحين على خمسة مقاعد. خسارتها أمام دول مثل قطر وكوريا الجنوبية تُظهر أن الدعم الدولي للمملكة لم يكن كافيًا، على الرغم من محاولاتها تقديم نفسها كدولة إصلاحية.
هذا الفشل يسلط الضوء على أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أصبحت أقل استعدادًا لمنح الشرعية لدول تنتهك حقوق الإنسان. كما أشار مسؤولون في منظمات حقوقية دولية، مثل منظمة "ربريف"، إلى أن التصويت ضد السعودية يعكس رغبة المجتمع الدولي في عدم منح السلطات التي تنتهك حقوق الإنسان مقعدًا يعزز من قوتها داخل المنظمة الأممية.
العلاقات الدولية والمصالح المتشابكة
رغم هذه الخسارة، لا يعني ذلك أن السعودية ستصبح معزولة دوليًا. فالمملكة تظل لاعبًا محوريًا على الساحة الدولية، خاصة فيما يتعلق بالطاقة والاقتصاد. ومع ذلك، فإن هذا الإخفاق في الفوز بمقعد في مجلس حقوق الإنسان يرسل إشارة قوية بأن الدول الأعضاء باتت تنظر بعين ناقدة إلى سلوك السعودية فيما يخص حقوق الإنسان.
يبدو أن الدول، التي دعمت السعودية سابقًا لأسباب سياسية أو اقتصادية، بدأت تعيد تقييم علاقاتها مع المملكة، وسط تصاعد الانتقادات لانتهاكات حقوق الإنسان داخلها. وهذه الخطوة قد تُشكل تحديًا كبيرًا لمساعي محمد بن سلمان في تحسين سمعة المملكة وجعلها أكثر قبولاً في المحافل الدولية.
الخاتمة: دروس من الإخفاق
فشل السعودية في الفوز بمقعد في مجلس حقوق الإنسان يعكس تحديات كبيرة تواجه المملكة على الصعيدين الدولي والمحلي. ورغم الإصلاحات التي تقوم بها، إلا أن استمرار الانتهاكات الحقوقية يعرقل جهودها في تحسين صورتها العالمية. تحتاج المملكة إلى مراجعة جادة لسياستها الحقوقية إذا ما أرادت أن تكون جزءاً فاعلاً في المجتمع الدولي وتحظى بالدعم في المحافل الأممية. وإلى حين ذلك، قد تظل هذه الإخفاقات عنوانًا مستمرًا للعلاقة المتوترة بين السعودية والمجتمع الدولي.
أضيف بتاريخ :2024/10/10