التقارير

#تقرير_خاص: التغطية الإعلامية المنحازة: كيف تحوّلت العربية وسكاي نيوز إلى أبواق للرواية الإسرائيلية؟


فاطمة مويس

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، ثم تصعيد الحرب على لبنان في سبتمبر الماضي، ظهرت قنوات "العربية" و"سكاي نيوز عربية" في صورة مناقضة لمبادئ الصحافة الحرة والمستقلة. فبدلاً من تقديم تغطية موضوعية تعكس الحقائق على الأرض، بدت القناتان وكأنهما تتحولان تدريجياً إلى أبواق للرواية الإسرائيلية، مما أثار جدلاً واسعاً حول دور الإعلام العربي في تغطية الصراع.

تتضح الانحيازية عندما نراجع كيفية نقل الأحداث. ففي قطاع غزة، اعتمدت "العربية" و"سكاي نيوز" بشكل شبه كامل على مصادر الاحتلال الإسرائيلي دون مساءلة أو تحليل موضوعي. وبدلاً من التركيز على المأساة الإنسانية التي خلّفتها غارات الاحتلال على المدنيين والأطفال، تصدّرت رواية الاحتلال بأن هذه الغارات استهدفت "مخازن ومراكز لحماس". هذا الانحياز الفاضح في التغطية لم يتوقف عند غزة، بل امتد ليشمل العدوان الإسرائيلي على لبنان، حيث تم استهداف المدنيين تحت مبررات واهية.

المشكلة ليست فقط في اعتماد هاتين القناتين على مصادر إسرائيلية، بل في كيفية عرض الأحداث وتوجيه الرأي العام. في لبنان، ومع تصاعد العدوان على الجنوب، ركزت تغطية "العربية" و"سكاي نيوز" على مهاجمة "حزب الله" بدلاً من متابعة وتوثيق معاناة اللبنانيين نتيجة القصف الإسرائيلي. هذا التماهي غير المبرر مع الرواية الإسرائيلية يتناقض مع الدور الأساسي للصحافة في تقديم تقارير دقيقة ومساءلة السلطة - أيًا كانت - وليس تقديمها كحقائق مطلقة.

لقد كان الموقف الإعلامي للقناتين صادمًا عندما قررتا فتح الأثير لضيوف إسرائيليين لتقديم وجهات نظر الاحتلال مباشرة إلى الجمهور العربي، كما فعلت "سكاي نيوز" باستضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت. هذا السلوك يطرح تساؤلات كبيرة حول معايير المهنية والأخلاقيات الصحفية التي تتبعها هذه المؤسسات الإعلامية.

من جانب آخر، تحولت مراسلة "الحدث" رفاه السعد إلى جزء من حملة الدعاية الإسرائيلية عندما رافقت جيش الاحتلال في جولة نظمت للصحافيين، وكررت ما أدلى به الجيش دون أي نقد أو تفنيد. مثل هذه المواقف تسلط الضوء على ظاهرة "الصحافة المدمجة" التي تتبنى فيها بعض المؤسسات الإعلامية الرواية الرسمية للقوى العسكرية، وهو أمر يُفترض أن تكون الصحافة محصنة ضده.

الأكثر إثارة للجدل هو الادعاء بأن الغارات الإسرائيلية على لبنان كانت "محدودة ومركزة"، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع الحقائق على الأرض حيث طالت الغارات مبانٍ سكنية وأسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى المدنيين.

لقد كشفت تغطية "العربية" و"سكاي نيوز" العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة عن توجه واضح يعكس تبنيًا شبه كامل للرواية الإسرائيلية، وهو أمر يثير الكثير من القلق حول تأثير هذه القنوات في تشكيل الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة اللبنانية.

هذا الانحياز لا يضر فقط بمصداقية الإعلام العربي، بل يُضعف أيضًا من دوره كوسيلة لمساءلة القوى العسكرية والسياسية ونقل الصورة الحقيقية للأحداث.

أضيف بتاريخ :2024/10/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد